احترام الأشهر الحُرم والمقابلة بالمِثل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 194 سورة البقرة / الآیة 195

هذه الآیة الشریفة تکمّل البحث الوارد فی الآیات السّابقة عن الجهاد بشکل عام، فهی فی الواقع إجابة على من یتصوّر أنّه لا یمکن القتال فی الأشهر الحُرُم، فکیف أمر الإسلام بالقتال فیها.

ولتوضیح الأمر: کان المشرکون على علم بأنّ الإسلام یحضر الحرب فی الأشهر الحرم (ذی القعدة وذی الحجة ومحرم ورجب) خاصّة فی حرم مکّة والمسجد الحرام، وبعبارة اُخرى أنّ الإسلام أمضى هذه السنّة التی کانت موجودة من قبل، فکان نبىّ الإسلام ملتزم بهذا الحضر، لذلک أرادوا أن یشنّوا هجوماً مباغتاً على المسلمین فی هذه الأشهر الحُرم متجاهلین حرمتها ضانیّن أنّ المسلمین ممنوعون من المواجهة، وفی هذه الحالة یستطیعون أن یحقّقوا هدفهم.

الآیة الکریمة تکشف مؤامرة المشرکین(1) وتحمّل المسلمین مسؤولیّة مواجهة العدوان حتى فی الأشهر الحُرم فتقول الآیة (الشّهر الحرام بالشهر الحرام) أی أنّ الأعداء لو کسروا حرمة واحترام هذه الأشهر الحُرم وقاتلوکم فیها فلکم الحقّ أیضاً فی المقابلة بالمِثل، لأن (والحرمات قصاص).

(حُرُمات) جمع «حُرمة» وتعنی الشیء الّذی یجب حفظه واحترامه، وقیل للحرم: حرم لأنّه مکان محترم ولا یجوز هتکه، ویقال الأعمال الممنوعة والقبیحة حرام لهذا السبب، ولهذا أیضاً کانت بعض الأعمال محرّمة فی الشهر الحرام والأرض الحَرم.

وهذه العبارة (والحرمات قصاص) تتضمّن جواباً رابعاً لاُولئک الّذین اعترضوا على النّبی(صلى الله علیه وآله) لإباحته الحرب فی الأشهر الحُرم، أو أرض مکّة المکرّمة الحرم الإلهی الآمن، وتعنی أنّ احترام الأشهر الحُرم ضروری أمام العدو الّذی یراعی حرمة هذه الأشهر، أمّا العدو الّذی یهتک هذه الحرمة فلا تجب معه رعایة الإحترام وتجوز محاربته حتى فی هذه الأشهر، واُمر المسلمون أن یهبّوا للجهاد عند اشتعال نار الحرب کی لا تخامر أذهان المشرکین فکرة انتهاک حرمة هذه الشّهور.

ثمّ تشرّع الآیة حکماً عامّاً یشمل ما نحن فیه وتقول: (فمن اعتدى علیکم فاعتدوا علیه بمثل ما اعتدى علیکم واتّقوا الله واعلموا أنّ الله مع المتقین).

فالإسلام ـ وخلافاً للمسیحیّة الحالیّة التی تقول (إذا لطمک شخص على خدّک الأیمن فأدِر له الأیسر)(2) ـ لایقول بمثل هذا الحکم المنحرف الّذی یبعث على جرأة المعتدی وتطاول الظّالم، وحتى المسیحیّین فی هذا الزّمان لا یلتزمون مطلقاً بهذا الحکم أیضاً، ویردّون على کلّ عدوان مهما کان قلیلاً بعدوان أشد، وهذا أیضاً مخالف لدستور الإسلام فی الرّد، فالإسلام یقول: یجب التصدّی للظّالم والمعتدی، ویُعطی الحقّ للمظلوم والمُعتدى علیه المقابلة بالمِثل، فالاستسلام فی منطق الإسلام یعنی الموت، والمقاومة والتصدّی هی الحیاة.

والجدیر بالذکر أنّ مفهوم الآیة یشمل دائرة وسیعة ولا ینحصر بمسألة القصاص فی مقابل القتل أو الجنایات الاُخرى، بل یشمل حتى الاُمور المالیّة وسائر الحقوق الاُخرى.

وهذا طبعاً لایتعارض مع مسألة العفو والصفح عن الإخوان والأصدقاء النادمین.

أحیاناً یتصوّر بعض العوام أنّ معنى الآیة هو أنّه لو قتلَ شخصٌ شخصاً آخر فإنّ معنى المقابلة بالمثل تبیح لأب المقتول أن یقتل ابن القاتل، وإذا ضرب أخاه فیجوز له أن یضرب أخا الضّارب، ولکن هذا اشتباه کبیر، لأنّ القرآن یقول: (فمن اعتدى علیکم فاعتدوا علیه بمثل ما اعتدى علیکم) لا الأفراد الأبریاء.

وأیضاً لا ینبغی أن یتصوّر أنّ مفهوم الآیة هو أنّه إن أقام شخص بإحراق بیت آخر فیجوز للمُعتدى علیه أن یقوم بحرق بیت المعتدی، بل مفهومه أن یؤدّی المعتدی ما یُعادل قیمة البیت المحترق إلى المُعتدى علیه.

وعبارة (واتّقوا الله واعلموا أنّ الله مع المتّقین) تأکید آخر على ضرورة عدم تجاوز الحدّ فی الدّفاع والمقابلة، لأنّ الإفراط فی المقابلة یُبعد المواجهة عن إطار التقوى.

وقوله تعالى (واعلموا أن الله مع المتّقین) إشارة إلى أنّ الله لا یهمل المتقی فی خِضمّ المشکلات، بل یعینه ویرعاه، لأنّ من کان مع شخص آخر فمفهومه أنّه یعینه فی مشکلاته ویحمیه مقابل الأعداء.


1.تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وتفسیر التبیان، ج 2، ص 150.
2.انجیل متّى، الباب 5، الرقم 39 ـ 42.
 

 

سورة البقرة / الآیة 194 سورة البقرة / الآیة 195
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma