واضح أنّ القرآن هدایة للبشریة جمعاء، فلماذا خصّت الآیة الکریمة المتقین بهذه الهدایة؟
السبب هو أنّ الإنسان لا یتقبل هدایة الکتب السماویة ودعوة الأنبیاء، مالم یصل إلى مرحلة معیّنة من التقوى (مرحلة التسلیم أمام الحق وقبول ما ینطبق مع العقل والفطرة).
وبعبارة اُخرى: الأفراد الفاقدون للإیمان على قسمین:
قسم یبحث عن الحق، ویحمل مقداراً من التقوى یدفعه لأن یقبل الحق أنّى وجده.
وقسم لجوج متعصب قد استفحلت فیه الأهواء، لا یبحث عن الحق، بل یسعى فی إطفاء نوره حیثما وجده.
ومن المسلم به أنّ أفراد القسم الأول هم الذین یستفیدون من القرآن أو أیّ کتاب سماوی آخر، أما القسم الثانی فلا حظّ لهم فی ذلک.
وبعبارة ثالثة: کما إنّ «فاعلیّة الفاعل» شرط فی الهدایة التکوینیة وفی الهدایة التشریعیة، کذلک «قابلیة القابل» شرط فیهما أیضاً.
الأرض السبخَةُ لا تثمر وإن هطل علیها المطر آلاف المرات، فقابلیة الأرض شرط فی استثمار ماء المطر.
وساحة الوجود الإنسانی لا تتقبّل بذر الهدایة ما لم یتمّ تطهیرها من اللجاج والتعصب والعناد. ولذلک قال سبحانه فی کتابه العزیز أنّه: (هدىً للمتقین ).