الوصیة بالمعروف

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 180 ـ 182 1ـ فلسفة الوصیة

الآیات السابقة ذکرت تشریع القصاص، وهذه الآیات تذکر تشریع الوصیة، باعتباره جزءاً من النظام المالی، وتذکر باُسلوب الحکم الإلزامی فتقول: (کتب علیکم إذا حضر أحدکم الموت إن ترک خیراً الوصیَّة للوالدین والاْقْربین بالْمعْروف).

ثم تضیف الآیة أن هذه الوصیّة کتبت (حقّاً على الـمتَّقین).

ذکرنا أنّ تعبیر (کتب علیکم) یدل على الوجوب، من هنا فقد وقع بحث لدى المفسرین فی هذه الآیة، ولهم فیها أقوال مختلفة:

1ـ جاء فی الآیة الکریمة بشأن کتابة الوصیة کونها (حقاً على الـمتَّقین)، من هنا قیل إنّها مستحبة استحباباً مؤکداً، ولو کانت واجبة لقالت الآیة، «حَقّاً عَلَى الْمُؤْمِنینَ».

2ـ قیل أیضاً: إن هذه الآیة نزلت قبل نزول أحکام الإرث، وکانت الوصیة آنئذ واجبة، کی لا یقع نزاع بین الوَرَثَةِ. ثم نسخ هذا الوجوب بعد نزول آیات الإرث، وأصبح حکماً استحبابیاً. وفی تفسیر «العیّاشی» حدیث یؤیّد هذا الاتجاه.(1)

3ـ یحتمل أیضاً أن یکون حدیث الآیة عن موارد الضرورة والحاجة، أی حین یکون الإنسان مدیناً، أو فی ذمته حق، والوصیة واجبة فی هذه الحالات.

یبدو أنّ التّفسیر الأول أقرب من بقیة التفاسیر.

یلفت النظر أنّ الآیة الکریمة عبرت عن المال بکلمة «خَیْر» فقالت: (إن ترک خیراً). وهذا یعنی أن الإسلام یعتبر الثروة المستحصلة عن طریق مشروع، والمستخدمة على طریق تحقیق منافع المجتمع ومصالحه خیراً وبرکة، ویرفض النظرات الخاطئة التی ترى الثروة شراً ذاتیاً، ویردّ على اُولئک المتظاهرین بالزهد، القائلین إنّ الزهد مساو للفقر، مسبّبین بذلک رکود المجتمع الإسلامی اقتصادیاً، ومؤدین بمواقفهم الإنزوائیة إلى فسح المجال لاستثمار الطامعین لخیرات اُمتهم.

هذا التعبیر یشیر ضمنیاً إلى مشروعیة الثروة، لأنّ الأموال غیر المشروعة لیست خیراً بل شراً وبالا.

ویستفاد من بعض الروایات أن تعبیر «خَیراً» یراد به الأموال الموفورة، لأنّ المال الیسیر لا یحتاج إلى وصیة، ویستطیع الورثة أن یقسّموه بینهم حسب قانون الإرث، بعبارة اُخرى المال الیسیر لیس بشیء یستدعی أن یفصل الإنسان ثلثه عن طریق الوصیة(2).

وجملة (إذا حضر أحدکم الموت) تبیّن آخر فرصة للوصیّة، وهذه الفرصة الأخیرة إن فاتت أیضاً فلا فرصة بعدها... أی لا مانع أن یکتب الإنسان وصیته قبل ذلک، بل یستفاد من الروایات أنّ هذا عمل مستحسن.(3)

ولا قیمة لتلک التصورات المتشائمة من کتابة الوصیة، فالوصیة إن لم تکن باعثاً على طول العمر، لا تبعث إطلاقاً على تقریب أجل الإنسان! بل هی دلیل على بعد النظر وتحسّب الاحتمالات.

تقیید الوصیة (بالمعروف) إشارة إلى أنّ الوصیة ینبغی أن تکون موافقة للعقل من کل جهة، لأن «الْمَعْرُوف» هو المعروف بالحُسْنِ لدى العقل. یجب أن تکون الوصیة متعقلة فی مقدارها وفی نسبة توزیعها، دون أن یکون فیها تمییز، ودون أن تؤدّی إلى نزاع وانحراف عن اُصول الحق والعدالة.

 

حین تکون الوصیة جامعة للخصائص المذکورة فهی محترمة ومقدسة، وکل تبدیل وتغییر فیها محظور وحرام. لذلک تقول الآیة التالیة: (فمن بدَّله بعد ما سمعه فإنَّما إثمه على الَّذین یبدِّلونه).

ولا یظنّن المحرفون المتلاعبون أن الله غافل عمّا یفعلون، کلاّ (إنَّ الله سمیعٌ علیمٌ).

ولعل هذه الآیة تشیر إلى أن تلاعب «الوصیّ» (وهو المسؤول عن تنفیذ الوصیة) لا یصادر أجر الموصی. فالموصی ینال أجره، والإثم على الوصی المحرّف فی کمیّة الوصیة أو کیفیتها أو فی أصلها.

ویحتمل أیضاً أنّ الآیة تبرىء ساحة غیر المستحقین الذین قسم بینهم الإرث عند عدم التزام الوصیّ بمفاد الوصیة. وتقول إنّ هؤلاء (الذین لا یعملون بتلاعب الوصی) لا إثم علیهم، بل الإثم على الوصیّ المحرّف، ولا تناقض بین التّفسیرین، فالآیة تجمع التّفسیرین معاً.

بیّن القرآن فیما سبق الأحکام العامّة للوصیة، وأکد على حرمة کل تبدیل فیها، ولکن فی کل قانون استثناء، والآیة الثالثة من آیات بحثنا هذا تبین هذا الاستثناء وتقول: (فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بینهم فلا إثم علیه إنَّ الله غفورٌ رحیمٌ).

الاستثناء یرتبط بالوصیة المدونة بشکل غیر صحیح، وهنا یحق للوصی أن ینبّه الموصی على خطئه إن کان حیّاً، وأن یعدّل الوصیّة إن کان میتاً، وحدّد الفقهاء مواضع جواز التعدیل فیما یلی:

1ـ إذا کانت الوصیّة تتعلق بأکثر من ثلث مجموع الثروة، فقد أکدت نصوص المعصومین على جواز الوصیة فی الثلث، وحظرت ما زاد على ذلک(4).

من هنا لو وصّى شخص بتوزیع کل ثروته على غیر الورثة الشرعیین، فلا تصح وصیته، وعلى الوصی أن یقلل الوصیة إلى حدّ الثلث.

2ـ إذا کان فی الوصیة ما یؤدّی إلى الظلم والإثم، کالوصیة بإعانة مراکز الفساد، أو الوصیة بترک واجب من الواجبات.

3ـ إذا أدّت الوصیة إلى حدوث نزاع وفساد وسفک دماء، وهنا یجب تعدیل الوصیة بإشراف الحاکم الشرعی.

 

عبرت الآیة «بالجَنَفِ» عن الانحرافات التی تصیب الموصی فی وصیته عن سهو، و«بالإثم» عن الانحرفات العمدیة.

عبارة (إنَّ الله غفورٌ رحیمٌ) تشیر إلى ما قد یقع فیه الوصی من خطأ غیر عمدی عند ما یعدّل الوصیة المنحرفة، وتقول: إنّ الله یعفو عن مثل هذا الخطأ.


1.تفسیر العیاشی، ج 1، ص 77; ووسائل الشیعة، ج 19، ص 290.
2.تفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 159; ومستدرک الوسائل، ج 14، ص 141، ح 16320ـ1.
3.وسائل الشیعة، ج 11، ص 369، (باب استحباب الوصیّة لمن أراد السفر والغسل والدّعاء).
4.وسائل الشیعة، ج 13، ص 361 (کتاب أحکام الوصایا، الباب 10).

 

سورة البقرة / الآیة 180 ـ 182 1ـ فلسفة الوصیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma