واجهنا دوماً أسئلة وردت إلینا من مختلف الفئات وخاصّة الشباب المتعطّش إلى نبع القرآن عن التّفسیر الأفضل.
هذه الأسئلة تنطوی ضمنیاً على بحث عن تفسیر یبیّن عظمة القرآن عن تحقیق لا تقلید، ویجیب على ما فی الساحة من احتیاجات وتطلّعات وآلام وآمال... تفسیر نافع لکلّ الفئات، ویخلو من المصطلحات العلمیّة المعقّدة.
فی الواقع نحن نفتقر إلى مثل هذا التّفسیر، فالأسلاف والمعاصرون رضوان الله علیهم کتبوا فی حقل التّفسیر کثیراً، لکنّ بعضها کتب قبل عدّة قرون وباُسلوب خاصّ لا یستفید منه إلاّ العلماء والأدباء، وبعضها مدوّن بمستوى علمی لا یدرکه سوى الخواص، وبعضها تناول جانباً معیّناً من القرآن، وکأنّها باقة ورد اقتطفت من بستان مزدان، فهی قبس من هذا البستان، ولیست البستان... وهکذا.
من هنا لم نجد أمام هذه الأسئلة المتدفّقة علینا جواباً مقنعاً یرضی هذه الأرواح المتعطّشة التّواقة. فآلینا على أنفسنا أن نجیب على هذا السؤال عملیّاً، فالکلام لا یرضی السائلین.
لکنّنا وجدنا أنفسنا فی خِضَمّ الأشغال المتزایدة من جهة، وأمام القرآن... البحر الذی لا ساحل له... من جهة اُخرى، فأنّى لنا أن نخوض عبابه دون عدّة ووقت واستعداد فکری، لذلک وقفنا على ضفاف هذا البحر الموّاج ننظر إلیه بحسرة.
وفجأة هدانا الله إلى طریق الحلّ، وانقدحت فی الذهن فکرة العمل الجماعی، فکان أن اجتمع معنا على الطریق عشرة من الفضلاء المخلصین الواعین کانوا حقّاً مصداق «عشرة کاملة» فبذلت المساعی الدائبة لیلا ونهاراً لتثمر - خلال مدّة أقصر ممّا توقّعناها- هذا الذی یراه القارئ الکریم.
ولکی لا تبقى نقطة غموض أمام القارئ الکریم نشرح باختصار منهج عملنا فی هذا التّفسیر.
قُسّمت الآیات الکریمة أوّلا فی الفروع المختلفة بین الاخوة وبتوجیه موحّد، ودرسوا المصادر المختلفة فی التّفسیر لکبار المفسّرین من علماء الشیعة وأهل السنّة، مثل:
1ـ مجمع البیان للشیخ الطبرسی. 2ـ أنوار التنزیل للقاضی البیضاوی. 3ـ الدرّ المنثور لجلال الدین السیوطی. 4ـ البرهان للمحدّث البحرانی. 5ـ المیزان للعلاّمة الطباطبائی. 6ـ المنار، تقریر دروس للشیخ محمّد عبده. 7ـ فی ظلال القرآن للاُستاذ سید قطب.
8ـ المراغی لأحمد مصطفى المراغی. 9ـ مفاتیح الغیب للفخر الرازی. 10ـ روح الجنان لأبی الفتوح الرازی. 11ـ أسباب النّزول للواحدی. 12ـ تفسیر القرطبی لمحمّد بن أحمد الأنصاری القرطبی. 13ـ روح المعانی للعلاّمة شهاب الدین الآلوسی. 14ـ نورالثقلین لعبد علی بن جمعة الحویزی. 15ـ الصافی للملاّ محسن الفیض الکاشانی. 16ـ التبیان للشیخ الطوسی. وتفاسیر اُخرى... .
ثمّ جمعنا من المفاهیم مایتناسب مع متطلّبات عصرنا واحتیاجاته، وفی الجلسات العامّة التی عقدناها یومیّاً أضفنا إلى کلّ ذلک المستجدات الضروریة من المعارف القرآنیة، وبعد دراسات ومشاورات حول المباحث المختلفة، ومراجعة المصادر المتنوعة، أملیتُ تلک البحوث ودوّنها الاخوان بسرعة، ثمّ راجعنا الکتابات ودقّقنا فیها بصبر وسعة صدر، وأعددناها للطبع، وبعد الطبع أیضاً ـ وقبل مرحلة النشر ـ اُعید النظر فیها مرّة اُخرى.
وکانت نتیجة هذه الجهود ما یراه القارئ العزیز، ونرجو أن یکون بإذن الله نافعاً مفیداً للجمیع.
