نلاحظ فی الکثیر من المذاهب الوضعیّة المنحرفة أنّه لا وجود للجهاد لدیهم إطلاقاً، فکلّ ما فیه یدور حول محور النصائح والمواعظ الأخلاقیة، حتى أنّ البعض عندما یسمع بوجود مقالة الجهاد واستعمال القوّة کأحد الأرکان المهمّة فی التعالیم الإسلامیّة یتعجّب کثیراً على إقتران الدین بالحرب.
ولکن مع ملاحظة أنّ الحکّام الطواغیت والفراعنة وأمثالهم من النمرودیّین والقارونییّن الّذین یعترضون دائماً على دعوة الأنبیاء الإصلاحیّة ویقفون بوجهها ولا یرضون إلاّ بإزالة الدین الإلهی من الوجود یتّضح أنّ على المؤمنین والمتدیّنین فی الوقت الّذی یعتمدون على العقل والمنطق والأخلاق فی تفاعلهم الإجتماعی مع الآخرین علیهم أن یتصدّوا لهؤلاء الظالمین والطّواغیت ویشقّوا طریقهم بالجهاد وتحطیم هذه الموانع والعوائق التی یقیمها حکّام الجور فی طریقهم.
وأساساً فإنّ الجهاد هو من علامات الحیاة لکلّ موجود ویمثّل قانوناً عامّاً فی عالم الأحیاء، فجمیع الکائنات الحیّة أعم من الإنسان والحیوان والنبات تجاهد عوامل الفناء من أجل بقائها، وسیأتی مزید من التوضیح فی هذا المجال فی سورة النساء ذیل الآیة 95 و96.
وعلى کلّ حال فإنّ من افتخاراتنا نحن المسلمین أنّ دیننا یقرن المسائل الدینیّة بالحکومة ویعتمد على الجهاد کأحد أرکان المنظومة العقائدیّة لهذا الدین، غایة الأمر یجب ملاحظة أهداف هذا الجهاد الإسلامی، وهذا هو الّذی یفصل بیننا وبین الآخرین.