یشیر القرآن الکریم هنا إلى واحدة من إدّعاءات الیهود الدالة على غرورهم، هذا الغرور الذی یشکل الأساس لکثیر من انحرافات هؤلاء القوم:
(وقالوا لن تمسَّنا النَّار إلاَّ أیَّاماً معدودةً)، ثم تجیبهم الآیة بأسلوب مُفحِم: (قل أتَّخذتم عند الله عهداً فلن یخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون).
اعتقاد الیهود بأنّهم شعب الله المختار، وأنّ عنصرهم متفوق على سائر الأجناس البشریة، وأنّ مذنبیهم لن یدخلوا جهنم سوى أیّام قلیلة لیتنعّموا بعدها بالجنّة، من مظاهر أنانیة هؤلاء واستفحال ذاتیاتهم.
إدعاء الیهود المذکور فی الآیة الکریمة لا ینسجم مع أی منطق، إذ لا یمکن أن یکون بین أفراد البشر أی تفاوت فی نیل الثواب والعقاب أمام الله سبحانه وتعالى.
بِمَ استحق الیهود أن یکونوا مستثنین من القانون العام للعقاب الإلهی؟!
الآیة الکریمة تدحض مزاعمهم بدلیل منطقی، وتفهمهم أن مزاعمهم هذه إمّا أن تکون قائمة على أساس عهد لهم اتخذوه عند اللّه، ولا یوجد مثل هذا العهد، أو أن تکون من افترائهم الکذب على الله.
ثمّ تبیّن الآیة الکریمة التّالیة قانوناً عاماً یقوم على أساس المنطق وتقول: (بلى من کسب سیئةً و أحاطت به خطیئته فاولئک أصحاب النَّارهم فیها خالدون).
وهذا القانون عام یشمل المذنبین من کل فئة وقوم.
وبشأن المؤمنین الأتقیاء، فهناک قانون عام شامل تبیّنه الآیة التالیة: (والّذین آمنوا وعملوا الصَّالحات اولئک أصحاب الجنَّة هم فیها خالدون).
