السّلام العالمی فی ظلّ الإسلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 208 ـ 209 سورة البقرة / الآیة 210

بعد الإشارة إلى الطائفتین (المؤمنین المخلصین والمنافقین المفسدین) فی الآیات السابقة تدعو هذه الآیات الکریمة کلّ المؤمنین إلى السِّلم والصلح وتقول: (یا أیّها الّذین آمنوا ادخلوا فی السّلم کافّة).

(سلم) و(سلام) فی اللّغة بمعنى الصّلح والهدوء والسکینة، وذهب البعض إلى تفسیرها بمعنى الطّاعة، فتدعوا هذه الآیة الکریمة جمیع المؤمنین إلى الصلح والسّلام والتسلیم إلى اُوامر الله تعالى، ویُستفاد من مفهوم هذه الآیة أنّ السّلام لا یتحقّق إلاّ فی ظلّ الإیمان، وأنّ المعاییر والمفاهیم الأرضیّة والمادیّة غیر قادرة على إطفاء نار الحروب فی الدنیا، لأنّ عالم المادّة والتعلّق به مصدر جمیع الاضطرابات والنّزاعات دائماً، فلولا القوّة المعنویّة للإیمان لکان الصّلح مستحیلاً، بل یُمکن القول أنّ دعوة الآیة العامّة لجمیع المؤمنین بدون استثناء من حیث اللّغة والعنصر والثروة والإقلیم والطبقة الاجتماعیّة إلى الصّلح والسّلام یُستفاد منها أنّ تشکیل الحکومة العالمیّة الواحدة فی ظل الإیمان بالله تعالى والعیش فی مجتمع یسوده الصّلح ممکن فی إطار الدولة العالمیّة.

واضحٌ أنّ الاُطر المادیّة الأرضیّة (من اللّغة والعنصر و...) هی عوامل تفرقة بین أفراد البشر وبحاجة إلى حلقة إتّصال محکمة تربط بین قلوب النّاس، وهذه الحلقة لیست سوى الإیمان بالله تعالى الّذی یتجاوز کلّ الاختلافات، الإیمان بالله واتّباع أمره هو النقطة والمحور

لوحدة المجتمع الإنسانی ورمز إرتباط الأقوام والشّعوب، ویمکن رؤیة ذلک من خلال مناسک الحجّ الّذی یُعتبر نموذجاً بارزاً إلى اتّحاد الأقوام البشریّة بمختلف ألوانها وقومیّاتها ولغاتها وأقالیمها الجغرافیّة وأمثال ذلک حیث یشترکون فی المراسم العبادیة الروحانیّة فی منتهى الصّلح والصّفاء، وبمقایسة سریعة بین هذه المفاهیم والأنظمة الحاکمة على الدول الفاقدة للإیمان بالله تعالى وکیف أنّ الناس یفتقدون فیها إلى الأمان النفسی والمالی ویخافون على اعراضهم ونوامیسهم یتّضح لنا التفاوت بین المجتمعات المؤمنة وغیر المؤمنة من حیث الصّلح والأمان والسّلام والطمأنینة.

ویُحتمل أیضاً فی تفسیر الآیة أنّ بعض أهل الکتاب (الیهود والنصارى) عندما یعتنقون الإسلام یبقون أوفیاء لبعض عقائدهم وتقالیدهم السابقة، ولهذا تأمر الآیة الشریفة أن یعتنقوا الإسلام بکافّة وجودهم ویخضعوا ویسلّموا لجمیع أحکامه وتشریعاته (1) . ثمّ تضیف الآیة (ولا تتّبعوا خطوات الشّیطان إنّه لکم عدوٌّ مبین) وقد مرّ بنا فی تفسیر الآیة 168 من هذه السورة الإشارة إلى أنّ کثیر من الانحرافات ووساوس الشیطان تحدث بصورة تدریجیّة على شکل مراحل حیث یسمّیها القرآن (خطوات الشیطان).

(خطوات) جمع «خطوة» وهنا تکرّرت هذه الحقیقة من أنّ الانحراف عن الصلح والعدالة، والتسلیم لإرادة الأعداء ودوافع العداوة والحرب وسفک الدماء یبدأ من مراحل بسیطة وینتهی بمراتب حادّة وخطرة کما فی المثل العربی المعروف (إنّ بدو القتال اللّطام). (2)

فتارةً تصدر من الإنسان حرکة بسیطة عن عداء وحقد وتؤدّی إلى الحرب والدّمار، ولهذا تخاطب الآیة المؤمنین أن یلتفتوا إلى نقطة البدایة کی لا تؤدّی شرارات الشرّ الاُولى لإشتعال لظى المعارک والحروب.

وجدیر بالذّکر أنّ هذا التعبیر ورد فی القرآن الکریم خمس مرّات وفی غایات مختلفة.

وذکر بعض المفسّرین أنّ (عبدالله بن سلام) وأتباعه الذین کانوا من الیهودوأسلموا طلبوا الإذن من رسول الله(صلى الله علیه وآله) بقراءة التوراة فی الصلاة والعمل ببعض أحکامها، فنزلت الآیة الآنفة الذکر ونهت هؤلاء عن إتّباع خطوات الشیطان (3) .

ومن شأن النزول هذا یتبیّن أنّ الشیطان ینفذ فی فکر الإنسان وقلبه خطوة خطوة، فیجب التصدّی للخطوات الاُولى لکیلا تصل إلى مراحل خطرة.

وتتضمّن جملة (إنّه لکم عدوٌّ مبین) برهاناً ودلیلاً حیّاً حیث تقول أنّ عداء الشیطان للإنسان لیس بأمر خفی مستتر، فهو منذ بدایة خلق آدم أقسم أن یبذل جهده لإغواء جمیع البشر إلاّ المخلصین الّذین لا ینالهم مکر الشیطان، فمع هذا الحال کیف یمکن التغافل عن وسوسة الشیطان.

الآیة التالیة إنذار لجمیع المؤمنین حیث تقول (فإن زللتم من بعد ما جاءتکم البیِّنات فاعلموا أنَّ الله عزیزٌ حکیمٌ) فلو انحرفتم وسرتم مع وساوس الشیطان على خلاف مسار الصلح والسلام فإنّکم لا تستطیعون بذلک الفرار من العدالة الإلهیّة.

المنهج بیّن والطریق بیّن والهدف بیّن، ومعلوم من هنا لا عذر لمن یزل عن الطریق، فلو انحرفتم فأنتم المقصّرون، فاعلموا أنّ الله قادر حکیم لا یستطیع أحد أن یفرّ من عدالته.

(بیّنات) بمعنى الدلائل الواضحة، ولها مفهوم واسع یستوعب الدلائل العقلیّة، وکذلک ما یتّضح للإنسان عن طریق الوحی أو المعجزات.


1. تفسیر الکبیر، ج 5، ص 207; تفسیر روح المعانی، ج 2، ص 97، ولکننا نرى أن «کافة» تشمل جمیع المؤمنین ولیس کافة تشریعات الإسلام (فی الحقیقة حال لـ «الذین آمنوا» لا «السلم») والتفسیر الأوّل أصح فی النظر.
2. ورد هذا المثل فی روایة عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) (وسائل الشیعة، ج 10، ص 98 و100).
3. تفسیر القرطبی، ج 2، ص 832; وتفسیر ابن کثیر، ج 1، ص 422، ذیل الآیة مورد البحث.
 

 

سورة البقرة / الآیة 208 ـ 209 سورة البقرة / الآیة 210
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma