هذه المجموعة تقف فی النقطة المقابلة تماماً للمتقین، والآیتان المذکورتان بیّنتا باختصار صفات هؤلاء.
الآیة الاُولى تقول: إنّ الإنذار لا یجدی نفعاً مع هؤلاء، فهم متعنّتون فی کفرهم (إنّ الّذینَ کَفُروا سَواءٌ عَلَیهِم ءَأنذرتَهم أمْ لَم تُنذِرهُم لا یُؤمِنون ) بعکس الطائفة الاُولى المستعدّة لقبول الحق لدى أوّل ومضة.
هذه المجموعة غارقة فی ضلالها وترفض الإنصیاع للحق حتى لو اتضح لدیها، من هنا کان القرآن غیر مؤثر فِی هؤلاء، وهکذا الوعد والوعید، لأنّهم یفتقدون الأرضیة اللازمة لقبول الحق والاستسلام له.
الآیة الثّانیة تشیر إلى سبب هذا اللجاج والتعصب وتقول: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوةٌ )، ولذلک استحقوا أن یکون (لهم عذابٌ عظیمٌ ).
أجهزة استقبال الحقائق معطوبة عند هؤلاء، العین التی یرى المتقون فیها آیات الله، والاُذن التی یسمعون بها نداء الحق، والقلب الذی یدرکون به الحقائق، کلها قد تعطّلت وتوقفت عن العمل لدى الکافرین. هؤلاء لهم عیون وآذان وعقول، لکنهم یفتقدون قدرة «الرؤیة» و«الإدراک» و«السمع». لأنّ انغماسهم فی الانحراف وعنادهم ولجاجهم کُلها عناصر تشکّل حجاباً أمام أجهزة المعرفة.
الإنسان قابل للهدایة طبعاً ـ إن لم یصل إلى هذه المرحلة ـ مهما بلغ به الضلال، أمّا حینما یبلغ فی درجة یفقد معها حسّ التشخیص «فلات حین نجاة» لأنّه افتقد أدوات الوعی والفهم، ومن الطبیعی أن یکون فی إنتظاره عذاب عظیم.