العالم مغمور فی رحمته

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة الحمد / الآیة 2 1 ـ رفض الآلهة

بعد البسملة، أول واجبات العباد أن یستحضروا دوماً مبدأ عالم الوجود، ونِعَمه اللامتناهیة، هذه النعم التی تحیطنا وتغمر وجودنا، وتهدینا إلى معرفة الله من جهة، وتدفعنا على طریق العبودیة من جهة اُخرى.

وعند ما نقول أن النعم تشکّل دافعاً ومحرّکاً على طریق العبودیة، لأنّ الإنسان مفطور على البحث عن صاحب النعمة حینما تصله النعمة، ومفطور على أن یشکر المنعم على أنعامه.

من هنا فان علماء الکلام (علماء العقائد) یتطرقون فی بحوثهم الأولیة لهذا العلم إلى «وجوب شکر المنعم» باعتباره أمراً فطریاً وعقلیاً دافعاً إلى معرفة الله سبحانه.

وإنّما قلنا إنّ النعم تهدینا إلى معرفة الله، لأنّ أفضل طریق وأشمل سبیل لمعرفته سبحانه، دراسة أسرار الخلیقة، وخاصّة ما یرتبط بوجود النعم فی حیاة الإنسان.

ممّا تقدم ابتدأت سورة الحمد بعبارة (الحمد لله ربِّ العالمین).

ولفهم عمق هذه العبارة وعظمتها یلزمنا توضیح الفرق بین «الحمد» و«المدح» و«الشکر» والنتائج المترتبة على ذلک:

«الحمد» فی اللغة: الثناء على عمل أو صفة طیبة مکتسبة عن اختیار، أی حینما یؤدّی شخص عملا طیّباً عن وعی، أو یکتسب عن اختیار صفة تؤهله لأعمال الخیر فإنّنا نحمده ونثنی علیه.

و«المدح» هو الثناء بشکل عام، سواء کان لأمر اختیاری أو غیر اختیاری، کمدحنا جوهرة ثمینة جمیلة. ومفهوم المدح عام، بینما مفهوم الحمد خاص.

أمّا مفهوم «الشکر» فأخصّ من الاثنین، ویقتصر على ما نبدیه تجاه نعمة تغدق علینا من منعم عن اختیار (1).

ولو علمنا أنّ الألف واللام فی (الحمد) هی لاستغراق الجنس، لعلمنا أنّ کل حمد وثناء یختص بالله سبحانه دون سواه.

ثناؤنا على الآخرین ینطلق من ثنائنا علیه تعالى، لأنّ مواهب الواهبین کالأنبیاء فی هدایتهم للبشر، والمعلمین فی تعلیمهم، والکرماء فی بذلهم وعطائهم، والأطباء فی علاجهم للمرضى وتطبیبهم للمصابین، إنّما هی فی الأصل من ذاته المقدّسة. وبعبارة اُخرى: حمد هؤلاء هو حمد لله، والثناء علیهم ثناء على الله تعالى.

وهکذا الشمس حین تغدق علینا بأشعتها، والسحب بأمطارها، والأرض ببرکاتها، کلّ ذلک منه سبحانه، ولذلک فکلّ الحمد له.

وبکلمة اُخرى: جملة (الحمد لله ربِّ العالمین) إشارة إلى توحید الذات، والصفات، والأفعال (تأمّل بدقة).

وصف (الله) بأنّه (رَبّ الْعَالَمیِن) هو من قبیل ذکر الدلیل بعد ذکر إلادعاء، وکأنّ سائلا یقول: لم کان الحمد لله؟ فیأتی الجواب: لأنّه (رب العالمین).

وفی موقع آخر یقول القرآن عن الباری سبحانه: (الَّذی أحسن کلَّ شیء خلقه...) (2).

ویقول أیضاً: (وما من دابَّة فی الأرض إلاَّ على الله رزقها) (3).

یستفاد من (الحمد) أنّ الله سبحانه واهب النعم عن إرادة واختیار، خلافاً لأولئک القائلین إنّ اللّه تعالى مجبر على أن یفیض بالعطاء کالشمس!!

جدیر بالذکر أنّ الحمد لیس بدایة کل عمل فحسب، بل هو نهایة کل عمل أیضاً کما یعلمنا القرآن.

یقول سبحانه عن أهل الجنّة: (دعواهم فیها سبحانک اللَّهمَّ وتحیَّتهم فیها سلامٌ وآخر دعواهم أن الحمد لله ربِّ العالمین) (4).

أمّا کلمة «ربّ» ففی الأصل بمعنى مالک وصاحب الشیء الذی یهتم بتربیته وأصلاحه. وکلمة «ربیبة» وهی بنت الزوجة، ومأخوذة من هذا المفهوم للکلمة. لأنّ الربیبة تعیش تحت رعایة زوج اُمّها.

والکلمة بلفظها المطلق تعنی ربّ العالمین، وإذا أطلقت على غیر الله لزم أن تضاف، کأن نقول: ربّ الدار، وربّ السفینة (5).

وذکر صاحب تفسیر (مجمع البیان) معنىً آخر للرب، وهو السید المطاع، ولکن لا یبعد أن یعود المعنیان إلى أصل واحد (6).

کلمة «عالمین» جمع «عالم»، والعالم: مجموعة من الموجودات المختلفة ذات صفات مشترکة، أو ذات زمان ومکان مشترکین، کأن نقول: عالم الإنسان، وعالم الحیوان، وعالم النبات، أو نقول عالم الشرق وعالم الغرب، وعالم الیوم، وعالم الأمس، فکلمة العالم وحدها تتضمن معنى الجمع، وحین تجمع بصیغة «عالمین»، فیقصد منها کل مجموعات هذا العالم.

ویلفت النظر هنا أن کلمة عالم جُمعت هنا جمعاً مذکراً سالماً، ونعرف أنّ جمع المذکر السالم یستعمل فی العاقل عادة، ومن هنا ذهب بعض المفسرین إلى أنّ کلمة «عالمین» إشارة إلى المجموعات العاقلة فی الکون کالبشر، والملائکة، والجن، ولکن قد یکون هذا الاستعمال للتغلیب، أی لتغلیب المجموعات العاقلة على غیر العاقلة.

یقول صاحب المنار: (ویؤثر عن جدنا الإمام جعفر الصادق(علیه السلام) أنّ المراد بـ (العالمین) النّاس فقط) (7) (8).

ثم یضیف: وقد وردت کلمة (العالمین) فی القرآن الکریم أیضاً بهذا المعنى کقوله: (لیکون للعالمین نذیراً) (9).

ولکن، لو استعرضنا مواضع استعمال (عالمین) فی القرآن، لرأینا أنّ هذه الکلمة وردت فی کثیر من الآیات بمعنى بنی الإنسان، بینما وردت فی مواضع اُخرى بمعنى أوسع یشمل البشر وسائر موجودات الکون الاُخرى، کقوله تعالى: (فللّه الحمد ربِّ السَّماوات وربِّ الأرض ربِّ العالمین) (10) وکقوله سبحانه: (قال فرعون وما ربُّ العالمین قال ربُّ السَّماوات والأرض وما بینهما) (11).

وعن الإمام علی بن أبی طالب(علیه السلام) فی تفسیر (ربّ العالمین) قال: «رَبُّ الْعَالَمِینَ هُمُ الْجَمَاعَاتُ مِنْ کُلِّ مَخْلُوق مِنَ الْجَمَادَاتِ وَالْحَیْوَانَاتِ» (12).

کلمة عالمین یمکن فهمها فی إطارها الکونی الأوسع، ویمکن فهمها فی إطار عالم (الإنسان) ـ کما ورد فی روایة الإمام زین العابدین(علیه السلام)، لأنّ الکائن البشری أشرف المخلوقات، ولأنّ الإنسان هو الهدف الأساس من هذه المجموعة الکبرى ولیس بین الفهمین أی تناقض.

جدیر بالذکر أنّ هناک من قسّم العالم إلى: عالم صغیر وعالم کبیر، والمقصود من العالم الصغیر هو الإنسان، لأنّه لوحده ینطوی على مجموعة من نفس القوى المتحکمة فی هذا الکون الفسیح، والإنسان ـ فی الواقع ـ عیّنة مصغرة لکل هذا العالم.

الذی دعانا إلى التوسّع فی مفهوم کلمة (العالم) هو أنّ عبارة «ربّ العالمین» جاءت وکأنّها دلیل على عبارة (الحمد لله)، أی أننا نقول فی سورة الفاتحة: إنّ الحمد مختص بالله تعالى لأنّه صاحب کلّ کمال ونعمة وموهبة فی العالم.

 


1. «الشکر»، من وجهة نظر اُخرى أوسع إطاراً، لأنّ الشکر یؤدّی بالقول أحیاناً وبالعمل اُخرى. أمّا الحمد والمدح فبالقول غالباً.
2. السجدة، 7.
3. هود، 6.
4. یونس، 10.
5. قاموس اللغة، ومفردات الراغب، وتفسیر مجمع البیان، وتفسیر البیان.
6. لابدّ من الإلتفات إلى أنّ «رب» من مادة «ربب»، لا من «ربو»، أی إنّه مضاعف لا ناقص.
7. تفسیر المنار، ج 1، ص 51.
8. مفردات راغب، مادة «علم»; وتاج العروس، ج 8، ص 407، مادة «علم».
9. الفرقان، 1.
10. الجاثیة، 36.
11. الشعراء، 23 و24.
12. تفسیر نورالثقلین، ج 1، ص 17; وبحارالانوار، ج 89، ص 224; وعیون اخبار الرضا، ج 2، ص 254.

 

سورة الحمد / الآیة 2 1 ـ رفض الآلهة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma