إبراهیم الإنسان النّموذج

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 130 ـ 132 سورة البقرة / الآیة 133 ـ 134

الآیات السابقة ألقت الضوء على جوانب من شخصیة إبراهیم(علیه السلام)، فتحدثت عن بعض خدماته وطلباته الشاملة للجوانب المادیة والمعنویة.

من مجموع ما مرّ نفهم أن الله سبحانه شاء أن یکون هذا النبی، شیخ الموحدین وقدوة الرسالیین، على مرّ العصور.

لذلک تقول الآیة الاُولى من آیات بحثنا هذا: (ومن یرغب عن ملَّة إبراهیم إلاَّ من سفه نفسه)؟!

ألیس من السفاهة أن یعرض الإنسان عن مدرسة الطهر والنقاء والفطرة والعقل وسعادة الدنیا والآخرة، ویتجه إلى طریق الشرک والکفر والفساد وضیاع العقل والانحراف عن الفطرة وفقدان الدین والدنیا؟!

ثم تضیف الآیة: (ولقد اصطفیناه فی الدُّنیا وإنَّه فی الاْخرة لمن الصَّالحین).

نعم، إبراهیم(علیه السلام) اصطفاه الله فی الدنیا لیکون «الأسوة» و«القدوة» للصالحین.

الآیة التالیة تؤکّد على صفة اُخرى من صفات إبراهیم التی هی الواقع أساس بقیة صفاته العظیمة وتقول: (إذ قال له ربُّه أسلم قال أسلمت لربِّ العالمین).

هذا الإنسان المتحرر من الإنشدادات الوضیعة یسارع إلى التسلیم التام حال سماعه

نداء ربّه: «أسلم»، ولا یتوانى فی رفض کل أوهام زمانه القائمة على عبادة النجوم والشمس والقمر، فیترکها بعد أن رآها محکومة بالقوانین التی تسود الخلیقة ویقول: (إنِّی وجَّهت وجهی للَّذی فطر السَّماوات والاْرْض حنیفاً وما أنا من المشرکین)(1).

مرّ بنا فی الآیات السابقة أنّ إبراهیم وإسماعیل(علیهما السلام) بعد بناء الکعبة طلبا من الله سبحانه أن یتقبل أعمالهما، ثم بعد ذلک طلبا أن یمنّ علیهما الله بنعمة التسلیم لوجهه الکریم: (ربَّنا واجعلنا مسلمین لک) ومثل هذا طلباه لذریّتهما: (ومن ذرِّیَّتنا امَّةً مسلمةً لک).

ذلک لأن الخطوة الاُولى فی سموّ الشخصیة الإنسانیة الطهر والإخلاص، ومن هنا أسلم إبراهیم(علیه السلام) وجهه لربّه دون سواه، ولذلک عرف هو ودینه بهذا العنوان.

حیاة إبراهیم(علیه السلام) بأجمعها کانت مفعمة بأعمال جسیمة نادرة، نضاله المریر ضد المشرکین، صموده الکبیر فی قلب النیران، هذا الصمود الذی أثار إعجاب نمرود الطاغیة نفسه حیث راح یردد دون وعی: «من اتَّخذ إلهاً فلیتَّخذ إلهاً مثل إله إبراهیم»(2).

وکذلک إسکان الزوج والطفل الرضیع فی تلک الأرض الجافة القاحلة والمقدّسة، وبناء الکعبة، وتقدیم الولد على مذبح التضحیة والفداء إستجابة لأمر الله تعالى... کل واحدة من هذه الأعمال قمة من سلسلة قمم حیاة إبراهیم(علیه السلام).

ووصیة إبراهیم بنیه فی أواخر أیّام حیاته تجسید آخر لهذه الحیاة الشامخة: (ووصّى بها إبراهیم بنیه ویعقوب)... فکل من إبراهیم ویعقوب وصّیا أَبْنَاءهُما بالقول: (یا بنیَّ إنَّ الله اصطفى لکم الدِّین فلا تموتنَّ إلاّ وأنتم مسلمون).

لعلّ القرآن الکریم، بنقله وصیة إبراهیم، یرید أن یقول للإنسان إنّه مسؤول عن مستقبل أبنائه، علیه أن یهتم بمستقبلهم المعنوی قبل أن یهتم بمستقبلهم المادی.

یعقوب کإبراهیم وصّى أیضاً أبناءه، بنفس هذه الوصایا، وأکدّ لأبنائه أنّ رمز نجاحهم یتلخص فی جملة واحدة، هی التسلیم لربّ العالمین.

ربّما یعود ذکر اسم یعقوب هنا من بین سائر الأنبیاء، إلى أنّ الیهود والنصارى کانوا یعتقدون بانتسابهم إلى یعقوب بشکل من الأشکال، فأرادت الآیة أن توضح لهم أن خط الشرک الذی یسلکونه لا یتناسب مع منهج یعقوب، وهو منهج التسلیم المحض لربّ العالمین.


1. الأنعام، 79.
2. تفسیر نورالثقلین، ج 3، ص 439; وأصول الکافی، ج 8، ص 369.

 

سورة البقرة / الآیة 130 ـ 132 سورة البقرة / الآیة 133 ـ 134
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma