هذا التعبیر ورد فی آیات عدیدة منها الآیة 47 و59 من سورة آل عمران، والآیة 73 من سورة الأنعام، والآیة 40 من سورة النحل والآیة 35 من سورة مریم، والآیة 82 من سورة یس،و غیرها، والمراد منها الإرادة التکوینیة لله تعالى وحاکمیته فی الخلیقة.

بعبارة أوضح: المقصود من جملة (کن فیکون) لیس هو صدور الأمر اللفظی «کُنْ» من قبل الله تعالى، بل المقصود تحقق إرادة الله سبحانه حینما تقتضی إیجاد شیء من الأشیاء، صغیراً بحجم الذّرة کان، أم کبیراً بحجم السماوات والأرض، بسیطاً کان أم معقداً، دون أن یحتاج فی ذلک الإیجاد إلى أیة علّة اُخرى، ودون أن تکون هناک أیة فترة زمنیة بین الإرادة والإیجاد.

لا یمکن للزمان أن یفصل بین الأمر والکینونة، ولذلک فإنّ الفاء فی جملة «فَیَکُون»، لا تدل على تأخیر زمنی کما هو الحال فی الجمل الاُخرى، بل إنّها تدل فقط على التأخیر فی الرتبة (الفلسفة أثبتت تأخر المعلول عن العلة، وهذا التأخر لیس زمنیاً، بل فی الرتبة ـ تأمل بدقة ـ).

لیس المقصود أنّ الشیء یصبح موجوداً متى ما أراد الله ذلک، بل المقصود أنّ الشیء یصبح موجوداً بالشکل الذی أراده الله.

على سبیل المثال، لو أراد الله أن یخلق السماوات والأرض فی ستة أیّام، لکان ذلک، دون زیادة أو نقص، ولو أراد أن توجد فی لحظة واحدة لوجدت بأجمعها فی لحظة واحدة، فذلک تابع لکیفیة إرادته ولما یراه من مصلحة.

ولو شاء الله ـ مثلا ـ أن یبقى الجنین فی رحم أمه تسعة أشهر وتسعة أیّام لیطوی مراحل تکامله، لما زادت هذه المدّة وما نقصت. أمّا لو شاء أن یطوی هذا الجنین مراحل تکامله خلال لحظة واحدة لحدث ذلک قطعاً، لأنّ إرادته علّة تامّة للخلیقة، ولا یمکن أن توجد فاصلة بین العلة التامة ووجود المعلول.