الحجّ رمز وحدة المسلمین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سبب النّزول سورة البقرة / الآیة 203

هذه الآیات تواصل الأبحاث المتعلّقة بالحجّ فی الآیات السابقة، فالبرغم من أنّ أعراب الجاهلیة ورثوا مناسک الحجّ بوسائط عدیدة من إبراهیم الخلیلولکنّهم خلطوا هذه العبادة العظیمة والبنّاءة والتی تُعتبر ولادة ثانیة لحجّاج بیت الله الحرام بالخرافات الکثیرة بحیث إنّها خرجت من شکلها الأصلی ونُسخت وتحوّلت إلى وسیلة للتفرقة والنّفاق.

الآیة الاُولى من الآیات محل البحث تقول (فإذا قضیتم مناسککم فاذکروا الله کذکرکم آباءکم أو أشدّ ذکراً).

إنّ العزّة والعظمة یکملان بالإرتباط فی الله تعالى لا بالإرتباط الوهمی بالأسلاف، ولیس المراد من هذه العبارة أنّکم اُذکروا أسلافکم وأذکروا الله کذلک،بل هو إشارة إلى هذه الحقیقة بأنّکم تذکرون أسلافکم من أجل بعض الخصال والمواهب الحمیدة، فلماذا لا تذکرون الله تعالى ربّ السموات والأرض والرازق والواهب لجمیع هذه النعم فی العالم وهو منبع ومصدر جمیع الکمالات وصفات الجلال والجمال.

أمّا المراد من (ذکر الله) فی هذه الآیة فهناک أقوال کثیرة بین المفسّرین، ولکنّ الظاهر أنّها تشمل جمیع الأذکار الإلهیّة بعد أداء مناسک الحجّ، وفی الحقیقة أنّه یجب شکر الله تعالى على جمیع نعمه وخاصّة نعمة الإیمان والهدایة إلى هذه العبادة العظیمة، فتکتمل الآثار التربویّة للحجّ بذکر الله.

بعد ذلک یوضّح القرآن طبیعة مجموعتین من الناس وطریقة تفکیرهم.. مجموعة لا تفکّر إلاّ بمصالحها المادیّة ولا تتجّه فی الدعاء إلى الله إلاّ من هذه المنطلقات المادیّة فتقول (فمن الناس من یقول ربّنا آتنا فی الدنیا وماله فی الآخرة من خلاق(1)).

والمجموعة الثانیة تتحدّث عنهم الآیة بقولها (ومنهم من یقول ربّنا آتنا فی الدّنیا حسنةً وفی الآخرة حسنةً وقنا عذاب النّار).

وهذه الفقرات من الآیات محل البحث تشیر إلى هاتین الطائفتین وأنّ الناس فی هذه العبادة العظیمة على نوعین، فبعض لا یفکر إلاّ بالمنافع المادیّة الدنیویّة ولا یرید من الله سواها، فمن البدیهی أنّه لن یبقى له شیء فی الآخرة.

ولکنّ الطائفة الثانیة اتسّعت آفاقهم الفکریّة فاتجّهوا إلى طلب السّعادة فی الدنیا باعتبارها مقدّمة لتکاملهم المعنوی وطلب السّعادة فی الآخرة، فهذه الآیة الکریمة توضّح فی الحقیقة منطق الإسلام فی المسائل المادیّة والمعنویّة وتدین الغارقین فی المادیّات کما تدین المنعزلین عن الحیاة.

أمّا ما المراد من (الحسنة)؟ فهناک تفاسیر مختلفه لها، فقد ورد فی الروایة عن الإمام الصادق(علیه السلام) فی تفسیر الحسنة: «إنّها السّعة فی الرّزق والمعاش وحسن الخلق فی الدنیا ورضوان الله والجنّة فی الآخرة»(2).

ولکنّ بعض المفسّرین ذهبوا إلى أنّها تتضمّن معنى العلم والعبادة فی الدنیا والجنّة فی الآخرة، أو المال فی الدنیا والجنّة فی الآخرة، أو الزوجة الصالحة فی الدنیا والجنّة فی الآخرة، وقد ورد عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) هذه المعانی (من أوتی قلباً شاکراً ولساناً ذاکراً وزوجة مؤمنة تعینه على أمر دنیاه واُخراه فقد اُوتی فی الدنیا حسنة وفی الآخرة حسنة ووُقی عذاب النار)(3).

وواضح أنّ تفسیر الحسنة هذا له مفهوم واسع بحیث یشمل جمیع المواهب المادیّة والمعنویّة، وما ورد فی الروایة أعلاه أو فی کلمات المفسّرین فهو بیان لأبرز المصادیق لا حصر الحسنة بهذه المصادیق، فما تصوّره بعض المفسّرین من أنّ الحسنة الواردة فی الآیة بصورة المفرد النکرة لا تشمل على کلّ خیر، ولهذا وقع الاختلاف فی مصداقها بین المفسّرین(4)، إنّما هو إشتباه محض، لأنّ المفرد النکرة تارة یأتی بمعنى الجنس ومورد الآیة ظاهراً من هذا القبیل،(5) فالمؤمنون ـ کما ذهب إلیه بعض المفسّرین ـ یطلبون من الله تعالى أصل الحسنة بدون أن ینتخبوا لها مصداقاً من المصادیق، بل یوکلون هذا الأمر إلى مشیئته وإرادته وفضله تعالى(6).

وفی آخر آیة إشارة إلى الطائفة الثانیة (الّذین طلبوا من الله الحسنة فی الدنیا والآخرة) فتقول (اولئک لهم نصیبٌ ممّا کسبوا والله سریع الحساب).

 

وفی الحقیقة هذه الآیة تقع فی النقطة المقابلة للجملة الأخیرة من الآیة السابقة (وما له فی الآخرة من خلاق).

واحتمل البعض أنّها تتعلّق بکلا الطائفتین، فالطائفة الاُولى یتمتّعون بالنعم والمواهب الدنیویّة، والطائفة الثانیة یتمتّعون بخیر الدنیا والآخرة کما ورد ما یشبه هذه الآیات فی سورة الإسراء الآیة 18 إلى 20 حیث یقول: (من کان یرید العاجلة عجَّلنا له فیها ما نشاء لمن نرید ثمَّ جعلنا له جهنَّم یصلیها مذموماً مدحوراً * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعیها وهو مؤمنٌ فاولئک کان سعیهم مشکوراً * کلاًّ نمدُّ هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربِّک وما کان عطاء ربِّک محظوراً).

ولکنّ التفسیر الأوّل منسجم مع الآیات مورد البحث أکثر.

عبارة (نصیب) مع أنّها جاءت بصورة نکرة، ولکنّ القرائن تدلّ على أنّ النکرة هنا لبیان العظمة، والتعبیر بقوله (ممّا کسبوا) لیست إشارة إلى قلّة النصیب والثواب والجزاء، لأنّه من الممکن أن تکون (من) ابتدائیّة لا تبعیضیّة.

أمّا التعبیر بقوله (کَسَب) فی جملة (ممّا کسبوا) فتعنی ـ کما ذهب إلیه کثیر من المفسّرین ـ الدّعاء لطلب خیر الدنیا والآخرة، فاختیار هذا التعبیر قد یکون إشارة إلى نکتة لطیفة وهو أنّ الدعاء بذاته یعتبر من أفضل العبادات والأعمال، ومن خلال التحقیق فی عشرات الآیات الواردة فی القرآن المجید فی مادّة «کسب» ومشتقاتها یُستفاد جیّداً أنّ هذه المفردة تستعمل أیضاً لغیر الأعمال الجسمیّة أیضاً، أی الأعمال القلبیّة والروحیّة کما ورد فی الآیة 225 من سورة البقرة (ولکن یؤاخذکم بما کسبت قلوبکم).

فلا عجب أن یکون الدّعاء إذاً نوع من الکسب والإکتساب وخاصّةً إذا لم یکن الدعاء باللّسان فقط بل مقترن بجمیع وجود الإنسان.

أمّا جملة (والله سریع الحساب) الواردة فی الفقرة الأخیرة من الآیة فإنّها تشیر إلى سرعة حساب الله تعالى لعباده، فإنّه یُجازی بالثواب والعقاب نقداً وبدون تأخیر، فقد ورد فی الحدیث الشریف (إنّ الله تعالى یحاسب الخلائق کلّهم فی مقدار لمح البصر)(7).

وهذا لأنّ علم الله لیس کعلم المخلوقات المحدود حیث یشغلها موضوع عن موضوع آخر.

 

إضافة إلى ذلک أنّ محاسبة الله لاینبغی أن تستلزم زماناً، لأنّ أعمالنا ذات آثار باقیة فی جسم وروح الموجودات المحیطة بنا وفی الأرض وأمواج الهواء، فالإنسان یشبه من هذه الجهة السّیارات المجهّزة بقیاس السرعة والمسافة حیث تقرأ فیها کلّ لحظة مقدار عملها وسیرها ولا یحتاج بعدها إلى کتاب لحساب المسافات التی طوتها السیّارة طیلة عمرها.


1.«خلاق» کما یقول الراغب تعنی الفضائل الأخلاقیة التی یکتسبها، وهنا على قول الطبرسی أنّها تعنی النصیب (الذی هو نتیجة الفضائل الأخلاقیة).
2.تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 297.
3. المصدر السابق، ص 298.
4. التفسیر الکبیر، ج 5، ص 189.
5. المصدر السابق.
6. تفسیر فی ظلال القرآن، ج 1، ص 290.
7. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ص 298، ذیل الآیة مورد البحث.

 

سبب النّزول سورة البقرة / الآیة 203
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma