نظرة على منطق الوهابیین فی حقل الشفاعة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
11ـ الشفاعة والتوحید سورة البقرة / الآیة 49

وهکذا یظهر ممّا نقلنا عن مؤسس الحرکة الوهّابیة «محمّد بن عبد الوهاب» أنّ اتّهام الوهابیین بالشرک للمؤمنین بالشفاعة یستند إلى مسألتین:

التشابه بین المؤمنین بشفاعة الأنبیاء والصالحین، وبین المشرکین فی عصر الجاهلیة.

نهی القرآن عن عبادة غیر الله وعن دعوة فرد مع الله: (فلا تدعوا مع الله أحداً ) (1) ، والإستشفاع نوع من العبادة.

 

بالنسبة للمسألة الاُولى ، ارتکبت الوهّابیة خطأً فظیعاً، وذلک للأسباب التالیة:

أوّلا: القرآن أقرّ منزلة الشفاعة بصراحة لجمع من الأنبیاء والصالحین والملائکة کما مرّ، لکنه قیّدها بإذن الله، ولیس من المعقول إطلاقاً أن یکون الله قد نهى عن الاستشفاع المشروط بإذن الله بمن قد منحهم هو سبحانه هذه المنزلة.

وصرّح القرآن بطلب إخوة یوسف من أبیهم أن یستغفر لهم، وهکذا صرّح بطلب الصحابة إلى النبی (صلى الله علیه وآله) أن یستغفر لهم أیضاً.

ألیست هذه من المصادیق الواضحة لطلب الشفاعة؟! إنّ الاستشفاع برسول الله (صلى الله علیه وآله)بعبارة: «اشفع لنا عند الله» هی نفسها عبارة اخوة یوسف إذ قالوا لأبیهم: (یا أبانا استغفرلنا ) (2) کیف یجرأ هؤلاء على إلقاء تهمة الشرک على من یؤمن بما یصرّح به القرآن، بل ویستبیحون دمه وماله؟!

لو کان هذا العمل شرکاً، فلم لم ینه یعقوب بنیه عن ذلک.

ثانیاً: لا یوجد أدنى شبه بین «عبدة الأصنام» و«الموحّدین المؤمنین بالشفاعة بإذن الله»، لأنّ الوثنیین کانوا یعبدون الأصنام ویتخذونها شفعاء، بینما المسلمون المؤمنون بالشفاعة لا تخطر فی ذهنهم عبادة الشفعاء، بل یستشفعون بهم إلى الله، وطلب الشفاعة لا إرتباط له بمسألة العبادة کما سنبیّن.

عَبَدة الأصنام کانوا یتعجبون من عبادة الإله الواحد الأحد: (أجعل الاْلهة إلهاً واحداً إنَّ هذا لشیءٌ عجابٌ ) (3) .

الوثنیون کانوا یجعلون الوثن فی منزلة الله: (تالله إن کنَّا لفی ضلال مبین * إذ نسوّیکم بربِّ العالمین ) (4) .

الوثنیون کانوا یعتقدون بتأثیر الأوثان على حیاتهم ومصیرهم ووجودهم، کما تذکر کتب التاریخ، والمسلمون المؤمنون بالشفاعة یعتقدون بانفراد الله فی التأثیر، ولا یرون لموجود آخر غیر الله استقلالا فی التأثیر.

والمقارنة بین الرؤیتین مقارنة جاهلة مجافیة للمنطق.

أما بشأن المسألة الثانیة، علینا أوّلا أن نفهم معنى «العبادة» لو فسّرنا العبادة بأنّها کل لون من ألوان الخضوع والإحترام، لکان ذلک یعنی حرمة الاحترام والخضوع لأحد غیر الله، وهذا ما لا یقرّه مسلم، ولو فسّرنا العبادة أنها کل ألوان الطلب، فهذا یعنی أنّ التقدم بالطلب من أیة جهة هو شرک، وهذا یخالف ضروریات العقل والدین، کما أنّ العبادة لا یمکن فهمها على أنّها کل لون من ألوان اتباع فرد لفرد آخر، فاتباع الأفراد لمسؤولیهم ورؤسائهم فی المؤسسات والتنظیمات الاجتماعیة من اُولى ضروریات الحیاة البشریة، کما أنّ اتّباع الأنبیاء وأئمّة الدین من الواجبات الحتمیة للمتدینین.

من هنا فالعبادة لا تعنی کل ذلک، بل هی الحدّ الأعلى للخضوع والتواضع المعبّرین عن الإرتباط المطلق والتسلیم بلا منازع للمعبود، وإیکال کل عواقب الاُمور إلیه.

وهل فی طلب الشفاعة من الشفعاء أثر من الآثار المذکورة للعبادة.

أمّا بشأن النهی عن دعوة أحد سوى الله فلا یعنی النهی عن نداء الأفراد، کأن نقول: یا علیّ ویا حسن ویا أحمد، ولا یعنی النهی عن الإستعانة بالأفراد، لأنّ التعاون أحد الأرکان الأساسیة للحیاة الاجتماعیة وقد عمل به الأنبیاء والأولیاء کافة، ولم یرفضه الوهابیون أنفسهم.

أمّا الأمر الذی یمکن الإعتراض علیه فهو ما أوضحه «ابن تیمیة» فی رسالة «زیارة القبور» إذ قال ما حاصله: «مطلوب العبد إن کان ممّا لا یقدر علیه إلاّ الله فسائله من المخلوق مشرک من جنس عبّاد الملائکة والتماثیل ومن اتّخذ المسیح واُمّه إلهین، مثل أن یقول لمخلوق حی أو میت: اغفر ذنبی أو انصرنی على عدوی أو اشف مریضی أو عافنی أو عاف أهلی أو دابتی، أو یطلب منه وفاء دینه من غیر جهة معینة أو غیر ذلک.

وإن کان ممّا یقدر علیه العبد فیجوز طلبه منه فی حال دون حال، فإنّ مسألة المخلوق قد تکون جائزة وقد تکون منهیاً عنها قال الله تعالى: (فإذا فرغت فانصب * وإلى ربّک فارغب ) (5) وأوصى النبی (صلى الله علیه وآله) ابن عباس: إذا سألت فاسئل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. وأوصى طائفة من أصحابه أن لا یسألوا النّاس شیئاً، فکان سوط أحدهم یسقط من کفه فلا یقول لأحد ناولنی إیاه. وقال: فهذه المنهی عنها، والجائزة طلب دعاء المؤمن لأخیه» (6) .

 

نحن أیضاً نقول: من الشرک أن یطلب الإنسان من أحد شیئاً یختص به الخالق، ومن الشرک أن یتجه الإنسان فی ذلک الطلب إلى فرد یعتبره قادراً بشکل مستقل عن تلبیة ذلک الطلب، أمّا إذا طلب الإنسان من أحد شفاعة منحها له الله، فما ذلک بشرک، بل هو عین الإیمان والتوحید، ویشهد على ذلک کلمة «مع» فی قوله تعالى: (فلا تدعوا مع الله أحداً ) (7) التی تفید أن المنهی عنه هو دعوة شخص نعتبره فی منزلة الله، ونعتبره مصدراً مستقلا فی التأثیر. (تأمل بدقّة).

هدفنا من التأکید على هذا الموضوع، هو أن ما اعتراه من مسخ وتحریف وفّر الفرصة لأعداء الدین کی یطعنوا فی المقدسات الدینیة، کما أدّى إلى ظهور تفسیرات واستنتاجات خاطئة لدى بعض المجموعات الإسلامیة، ممّا جرّ بدوره إلى تفرقة صفوف المسلمین.

والفهم الصحیح للشفاعة یؤدّی کما رأینا إلى سموّ أخلاق المجتمع وتکاملها، وإلى إصلاح الأفراد الفاسدین، کما یؤدّی إلیه قطع دابر الطعّانین، وإلى إحلال الوحدة بین المسلمین.

نأمل من العلماء والمفکرین الإسلامیین أن یتعمّقوا فی تحلیل هذه المسألة قرآنیاً ومنطقیاً، کی یسدّوا الطریق أمام طعن أعداء الإسلام ویساهموا فی رصّ الصفوف.

 


1. الجن، 18.
2. یوسف، 97.
3. ص، 5.
4. الشعراء، 97 و98.
5. الشرح، 7 و 8 .
6. زیارة أهل القبور، ص 152، نقلا عن کشف الإرتیاب، ص 268.
7. الجنّ، 18.

 

11ـ الشفاعة والتوحید سورة البقرة / الآیة 49
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma