مظاهر عظمة الله فی الکون

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 164 سورة البقرة / الآیة 165 ـ 167

آخر آیة فی المبحث الماضی دارت حول توحید الله، وهذه الآیة تقدم الدلیل على وجود الله ووحدانیته.

قبل أن ندخل فی تفسیر الآیة، لابدّ من مقدمة موجزة. حیثما کان «النظم والإنسجام»، فهو دلیل على وجود العلم والمعرفة، وأینما کان «التنسیق» فهو دلیل على الوحدة، من هنا، حینما نشاهد مظاهر النظم والإنسجام فی الکون من جهة، والتنسیق ووحدة العمل فیه من جهة اُخرى، نفهم وجود مبدأ واحد للعلم والقدرة صدرت منه کل هذه المظاهر.

حینما نمعن النظر فی الأغشیة الستة للعین الباصرة ونرى جهازها البدیع، نفهم أنّ الطبیعة العمیاء الصماء لا یمکن إطلاقاً أن تکون مبدأ مثل هذا الأثر البدیع، ثم حینما ندقق فی التعاون والتنسیق بین هذه الأغشیة، والتنسیق بین العین بکل أجزائها وبین جسم الإنسان، والتنسیق الفطری الموجود بین الإنسان وبین سائر البشر، والتنسیق بین بنی البشر وبین کل مجموعة نظام الکون، نعلم أن کل ذلک صادر من مبدأ واحد، وکل ذلک من آثار وقدرة ذات مقدسة واحدة.

ألا تدل القصیدة الجمیلة العمیقة المعنى على ذوق الشاعر وقریحته؟!

ألا یدلّ التنسیق الموجود بین قصائد الدیوان الواحد على أنّها جمیعاً صادرة من قریحة شاعر مقتدر واحد؟

بعد هذه المقدمة نعود إلى تفسیر الآیة، هذه الآیة الکریمة تشیر إلى ستة أقسام من آثار النظم الموجود فی عالم الکون، وکلّ واحد منها آیة تدل على وحدانیة المبدأ الأکبر.

1ـ (إنَّ فی خلق السَّماوات والأرض...)

من العلامات الدالة على ذات الله المقدسة وعلى قدرته وعلمه ووحدانیّته، السماء وکرات العالم العلوی، أی هذه الملیارات من الشموس المشرقة والنجوم الثابتة والسیارة، التی ترى بالعین المجردة أو بالتلسکوبات، ولا یمکن رؤیة بعضها بأقوى أجهزة الإرصاد لبعدها الشاسع.... الشاسع للغایة، والتی تنتظم مع بعضها فی نظام دقیق مترابط.

وهکذا الأرض بما على ظهرها من حیاة، تتجلّى بمظاهر مختلفة وتتلبس بلباس آلاف الأنواع من النبات والحیوان.

ومن المدهش أن عظمة هذا العالم وسعته وامتداده تظهر أکثر کلما تقدّم العلم، ولا ندری المدى الذی سیبلغه العلم فی ادراک سعة هذا الکون!

یقول العلم لنا الیوم: إنّ فی السماء آلافاً مؤلفة من المجرات، ومنظومتنا الشمسیة جزء من واحدة من المجرات، وفی مجرتنا وحدها مئات الملایین من الشموس والنجوم السّاطعة، وحسب دراسات العلماء یوجد بین هذه الکواکب ملیون کوکب مسکون بملیارات الموجودات الحیّة!

حقاً ما أعظم هذا الکون! وما أعظم قدرة خالقه!!

2ـ (واختلاف اللَّیل والنَّهار...)

من الدّلائل الاُخرى على ذاته المقدّسة وصفاته المبارکة تعاقب اللیل والنهار، والظلمة والنور بنظام خاص، فینقص أحدهما بالتدریج لیزید فی الآخر، وما یتبع ذلک من تعاقب الفصول الأربعة، وتکامل النباتات وسائر الأحیاء فی ظل هذا التکامل.

لو انعدم هذا التغییر التدریجی، أو انعدم النظام فی هذا التدریج، أو انعدم تعاقب اللیل والنهار لإنمحت الحیاة من وجه الکرة الأرضیة، ولو بقیت واستمرت ـ فرضاً ـ لأصابتها الفوضى والخبط(1).

3ـ (والفلک الَّتی تجری فی البحر بما ینفع النّاس)

الإنسان یمخر عباب البحار والمحیطات بالسفن الکبیرة والصغیرة، مستخدماً هذه السفن للسفر ولنقل المتاع، وحرکة هذه السفن خاصّة الشراعیة منها تقوم على عدّة أنظمة:

الأوّل، نظام هبوب الریاح على سطح میاه الکرة الأرضیة، فهناک الریاح القارّیة التی تهبّ من القطبین الشمالی والجنوبی نحو خطّ الإستواء وبالعکس وتدعى «الیزه» و«کنتر الیزه»؟؟، وهناک الریاح الإقلیمیة التی تهب وفق نظام معین، وتعتبر قوّة طبیعیة لتحریک السفن نحو مقاصدها.

الثانى، وهکذا خاصیة الخشب، أو خاصیّة القوّة الدافعة التی یسلطها الماء على الأجسام الغاطسة فیه، فیجعل هذه السفن تطفو على سطح الماء.

الثالث، أضف إلى ذلک خاصیّة القطبین المغناطیسیین للکرة الأرضیة، التی تساعد البحّارة باستخدام البوصلة أن یعرفوا اتجاههم فی وسط البحار، إضافة إلى استفادتهم من نظام حرکة الکواکب فی معرفة جهة السیر.

کل هذه الأنظمة تساعد على الإستفادة من الفلک(2)، وتعطی دلیلا محسوساً على قدرة الله وعظمته، وتعتبر آیة من آیات وجوده.

استعمال المحرکات الوقودیة بدل الأشرعة فی السفن الیوم، لم یقلل هن أهمّیة هذه الظاهرة، بل زادها عجباً ودهشة، إذ نرى الیوم السفن العملاقة التی تشبه مدینة بجمیع مرافقها، تطفو على سطح الماء وتتنقل بفنادقها وساحات لعبها وأسواقها، بل ومدارج للطائرات فیها... على ظهر البحار والمحیطات.

4ـ (وما أنزل الله من السَّماء من ماء فأحیا به الأرض بعد موتها وبثَّ فیها من کلِّ دابَّة...).

من مظاهر قدرة الله وعظمته المطر الذی یحیی الأرض، فتهتز ببرکته وتنمو فیها النباتات وتحیا الدواب بحیاة هذه النباتات، وکل هذه الحیاة تنتشر على ظهر الأرض من قطرات ماء لا حیاة فیها.

5ـ (وتصریف الرِّیاح...)، لا على سطح البحار والمحیطات لحرکة السفن فحسب، بل على الجبال والهضاب والسهول أیضاً لتلقیح النباتات فتخرج لنا ثمارها الیانعة.

وتارة تعمل على تحریک أمواج المحیطات بصورة مستمرة ومخضها مخض السقاء لایجاد محیط مستعد لنمو وحیاة الکائنات البحریة.

واُخرى تقوم بتعدیل حرارة الجو وتلطیف المناخ بنقلها حرارة المناطق الاستوائیة إلى المناطق الباردة، وبالعکس.

واحیاناً تقوم بنقل الهواء الملوّث الفاقد للاوکسجین من المدن إلى الصحاری والغابات لمنع تراکم السموم فی الفضاء.

أجل فهبوب الریاح مع کل تلک البرکات والفوائد علامة اُخرى على حکمة البارئ ولطفه الدائم.

6ـ (والسَّحاب المسخَّر بین السَّماء والأرض...) والسحب المتراکمة فی أعالی الجو، المحمّلة بملیارات الأطنان من المیاه خلافاً لقانون الجاذبیة، والمتحرکة من نقطة إلى اُخرى دون ایجاد خطر، من مظاهر عظمة الله سبحانه.

إضافة إلى أنّ هذا الودق (المطر) الَّذی یخرج من خلال السحاب یحیی الأرض، وبحیاة الأرض تحیا النباتات والحیوانات والإنسان، ولولا ذلک لتحولت الکرة الأرضیة إلى أرض مقفرة موحشة، وهذا مظهر آخر لعلم الله سبحانه وقدرته.

وکل تلک العلامات والمظاهر (لآیات لقوم یعقلون)، لا للغافلین الصم البکم العمی.


1. «الإختلاف» قد یعنی التعاقب أی مجیء شیء وذهاب آخر، وقد یعنی الزیادة والنقصان فی اللیل والنهار، وعلى المعنیین تتحدث الآیة عن نظام خاص للّیل والنهار لا یمکن أن یکون قائماً على الصدفة، ومن دون تدخل وجود عالم وقادر فی ذلک، ولهذا ورد فی القرآن الکریم، هذا المعنى فی موارد متعددة کدلیل على الذات المقدسة.
2. «الفلک»، هی السفینة أو السفن، فاللفظ مفرد وجمع.

 

سورة البقرة / الآیة 164 سورة البقرة / الآیة 165 ـ 167
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma