فی البدایة یُحرم الحاج للحجّ من الأماکن الخاصّة به وتسمّى المیقات، أی أنّ الحاج یتعهد بالإحرام أن یترک ویتجنّب سلسلة من المحرّمات على الُمحرم، ویرتدی ثوبی الإحرام غیر المخیطة، ویبدأ بالتلبیة وهو متّجه إلى بیت الله الحرام، ثمّ یشرع بالطّواف حول الکعبة سبعة مرّات، وبعد ذلک یصلّی رکعتین صلاة الطواف فی المحل المعروف بمقام إبراهیم، ثمّ یسعى بین الصفا والمروة سبعة مرّات، ثمّ بعد الانتهاء من السعی یقصّر، أی یقص مقداراً من شعره أو أظافره، وبذلک یخرج من الإحرام ویحلّ منه.

ثمّ یحرم مرّة اُخرى من مکّة لأداء مناسک الحجّ ویذهب مع الحجاج فی الیوم السابع من ذی الحجّة إلى «عرفات» وهی صحراء على بعد 4 فراسخ من مکّة، ویبقى فی ذلک الیوم من الظهر إلى غروب الشمس فی ذلک المکان حیث یشتغل بالعبادة والمناجاة والدّعاء، ثمّ بعد غروب الشمس یتّجه إلى (المشعر الحرام) ویقع على بعد فرسخین ونصف من مکّة تقریباً ویبقى هناک إلى الصباح، وحین طلوع الشمس یتوجّه إلى «منى» الواقعة على مقربة من ذلک المکان، وفی ذلک الیوم الذی هو یوم «عید الأضحى» یرمی الحاج (جمرة العقبة) بسبعة أحجار صغیرة (وجمرة العقبة على شکل اُسطوانة حجریّة خاصّة) ثمّ یذبح الهدی ویحلق رأسه، وبذلک یخرج من إحرامه.

ثمّ إنّه یعود إلى مکّة فی نفس ذلک الیوم أو فی الیوم القادم، ویطوف حول الکعبة ویؤدّی صلاة الطواف والسعی بین الصفا والمروة ثمّ طواف النساء وصلاة الطواف أیضاً، وفی الیوم الحادی عشر والثانی عشر یرمی فی منى الجمرات الثلاثة واحدة بعد الاُخرى بسبعة أحجار صغیرة، ویبقى فی لیلة الحادی عشر والثانی عشر فی أرض منى، وبهذا الترتیب تکون مناسک الحجّ إحیاءً لذکرى تاریخیّة وعبارة عن کنایات وإشارات لمسائل تتعلّق بتهذیب النفس ولها أغراض اجتماعیّة کثیرة، وسوف نستعرض کلّ واحدة منها فی الآیات المناسبة له.(1)

1.لمزید الایضاح راجع الى تفسیرنا هذا، ذیل الآیة 26 ـ 28 من سورة الحجّ.