إدانة کتمان الحقّ مرّة اُخرى

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سبب النّزول سورة البقرة / الآیة 177

هذه الآیات تأکید على ما مرّ فی الآیة 159 بشأن کتمان الحقّ. وهی ـ وإن کانت تخاطب أحبار الیهود ـ لها مفهوم عام، لا تقتصر ـ کما ذکرنا مراراً ـ على سبب نزولها. فسبب النّزول ـ فی الواقع ـ وسیلة لبیان الأحکام الکلّیة العامّة، ومصداق من مصادیق الحکم الکلی للآیة.

 

فکل الذین یکتمون أحکام الله وما یحتاجه النّاس من حقائق طلباً للرّئاسة أو الثروة، قد إرتکبوا خیانة کبرى، وعلیهم أن یعلموا أنّهم باعوا حقیقة نفیسة بثمن بخس، وهی تجارة خاسرة.

الآیة الاُولى تقول: (إنَّ الَّذین یکتمون ما أنزل الله من الکتاب ویشترون به ثمناً قلیلا اولئک ما یأکلون فی بطونهم إلاَّ النَّار).

هذه الهدایا والعطایا التی ینالونها من هذا الطریق نیران محرقة تدخل بطونهم، هذا التعبیر یوضح ضمنیاً مسألة تجسیم الأعمال فی الآخرة وتدل على أنّ الأموال المکتسبة عن هذا الطریق المحرّم، هی فی الواقع نیران تدخل فی بطونهم وستتجسّم بشکل واقعی فی الآخرة.

ثم تتعرض الآیة إلى عقاب معنوی سینال هؤلاء أشدّ من العقاب المادی، وتقول: (ولایکلِّمهم الله یوم القیامة ولا یزکیهم ولهم عذابٌ ألیمٌ).

وفی موضع آخر ذکر القرآن مثل هذا اللون من العقاب لاُولئک الذین ینکثون عهد الله من أجل مصالح تافهة، فقال: (إنَّ الَّذین یشترون بعهد الله وأیمانهم ثمناً قلیلا اولئک لاخلاق لهم فی الاْخرة ولا یکلِّمهم الله ولا ینْظر إلیْهمْ یوْم الْقیامة ولا یزکِّیهمْ ولهمْ عذابٌ ألیمٌ)(1).

یستفاد من هذه الآیة والآیة التالیة أن واحدة من أعظم المواهب الإلهیّة فی الآخرة أن یکلم الله المؤمنین تلطفاً بهم. أی إنّ المؤمنین سینالون فی الآخرة نفس المنزلة التی نالها أنبیاء الله فی الدنیا، وسیلتذون بما التذ به الأنبیاء من تکلیم إلهی ... وأیة لذة أعظم من هذه اللذة؟!

أضف إلى ذلک أنّ الله ینظر إلیهم بعین لطفه، ویطهّرهم بماء عفوه ورحمته، وأیة نعمة أعظم من هذه النعمة؟!

بدیهی أن تکلیم الله عبادَه لا یعنی أنّ الله له جسم ولسان، بل إنّه بقدرته الواسعة یخلق فی الفضاء أمواجاً صوتیة خاصّة قابلة للسمع والإدراک، (کما کلّم الله موسى عند جبل الطور)، أو أنّه یتکلم مع خاصّة عباده بلسان القلب عن طریق الإلهام.

على أیّة حال، هذا اللطف الإلهی الکبیر، وهذه اللذة المعنویة المنقطعة النظیر، للعباد المخلصین الذین ینطقون بالحق ویعرّفون النّاس بالحقائق، ویلتزمون بعهودهم ومواثیقهم، ولا یضحون برسالتهم من أجل مصالحهم المادیة.

 

وقد یسأل سائل عن تکلیم الله المجرمین یوم القیامة، استناداً الى ما ورد فی الآیات کقوله تعالى: (قال اخسئوا فیها ولا تکلِّمون)(2). وهذا جواب من الله لاُولئک الذین یطلبون الخروج من النار. ومثل هذا الحوار نجده فی الآیتین 30 و31 من سورة الجاثیة.

والجواب: أن المقصود من التکلیم فی آیات بحثنا، هو تکلیم عن لطف وحبّ واحترام، لا عن تحقیر وطرد وعقوبة فذلک من أشدّ الجزاء.

من الواضح أن عبارة (یشترون به ثمناً قلیلا) لا تعنی السماح بأن یشتروا به ثمناً باهظاً، فالمقصود أنّ الثمن المادّی مهما زاد فهو تافه لا قیمة له أمام کتمان الحقّ، حتى ولو کان الثمن الدنیا وما فیها.

الآیة التالیة تحدد وضع هذه المجموعة وتبین نتیجة صفقتها الخاسرة وتقول: (اولئک الّذین اشتروا الضّلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة).

فهؤلاء خاسرون من ناحیتین: من ناحیة ترکهم الهدایة واختیار الضلالة، ومن ناحیة حرمانهم من رحمة الله واستحقاقهم بدل ذلک العقاب الإلهی، وهذه مبادلة لا یقدم علیها إنسان عاقل.

لذلک تتحدث الآیة عن هؤلاء بلغة التعجب وتقول: (فما أصبرهم على النَّار)؟!

آخر آیة فی بحثنا تقول إنّ ذلک التهدید والوعید بالعذاب لکاتمی الحق، یعود إلى أنّ الله أنزل القرآن بالدلائل الواضحة، حتى لم تبق شبهة لأحد: (ذلک بأنَّ الله نزَّل الکتاب بالحقِّ).

مع ذلک فإن زمرة محرفة تعمد إلى کتمان الحقائق صیانة لمصالحها، وتثیر الاختلاف فی الکتاب السماوی لتتصید فی الماء العکر.

مثل هؤلاء الذین یثیرون الإختلاف فی الکتاب السماوی بعیدون عن الحقیقة: (وإنَّ الَّذین اختلفوا فی الکتاب لفی شقاق بعید).

کلمة «شقاق» تعنی فی الأصل الشق والإنفصال، ولعل المراد به أنّ الإیمان والتقوى ونشر الحقائق رمز وحدة المجتمع الإنسانی، أمّا الخیانة وکتمان الحقائق فعامل التفرقة والتبعثر والإنشقاق لا الإنشقاق السطحی الذی یمکن التغافل عنه بل البعید والعمیق.

 


1.آل عمران، 77.
2.المؤمنون، 108.
 

 

سبب النّزول سورة البقرة / الآیة 177
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma