الآیة السابقة رفعت المسؤولیة عن النبی(صلى الله علیه وآله) إزاء الضالین المعاندین. والآیة أعلاه تواصل الموضوع السابق وتخاطب الرّسول بأن لا یحاول عبثاً فی کسب رضا الیهود والنصارى لأنّه: (ولن ترضى عنک الیهود ولا النَّصارى حتَّى تتَّبع ملَّتهم).
واجبک أن تقول لهم: (إنَّ هدى الله هو الهدى)، هدى الله هو الهدى البعید عن الخرافات وعن الأفکار التافهة التی تفرزها عقول الجهّال، ویجب إتّباع مثل هذا الهدى الخالص.
ثم تقول الآیة: (ولئن اتَّبعت أهواءهم بعد الَّذی جاءک من العلم ما لک من الله من ولیٍّ ولا نصیر).
وبعد أن ذمّ القرآن الفئة المذکورة من الیهود والنصارى، أشاد باُولئک الذین آمنوا من أهل الکتاب وانضموا تحت رایة الرسالة الخاتمة (ألَّذین اتیناهم الکتاب یتلونه حقَّ تلاوته) ـ ای بالتفکر والتدبر ثم العمل به ـ (اولئک یؤمنون به) أی یؤمنون بالرّسول الکریم(صلى الله علیه وآله)(ومن یکفر به فاولئک هم الخاسرون).
هؤلاء کانوا قد تلوا کتابهم السماوی حقّاً، وکان ذلک سبب هدایتهم، فهم قرأوا فیه بشارات ظهور النّبیّ الموعود، وقرأوا صفاته المنطبقة مع صفات نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) فآمنوا به، والله مدحهم وأشاد بهم.