المجموعة الثّالثة: المنافقون

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 1
سورة البقرة / الآیة 8 - 16 1ـ ظهور النّفاق وأسبابه

هذه الآیات تبیّن ـ باختصار وعمق ـ الخصائص الروحیة للمنافقین وأعمالهم.

الإسلام واجه فی عصر انبثاق الرسالة مجموعة لم تکن تملک الإخلاص اللازم للإیمان، ولا القدرة اللازمة للمعارضة.

هذه المجموعة المذبذبة المصابة بازدواج الشخصیة توعّلت فی أعماق المسلمین، وشکّلت خطراً کبیراً على الإسلام والمسلمین، کان تشخیصهم صعباً لأنّهم متظاهرون بالإسلام، غیر أنّ القرآن بیّن بدقّة مواصفاتهم وأعطى للمسلمین فی کل القرون والأعصار معاییر حیّة لمعرفتهم.

الآیات المذکورة قبلها بیّنت فی مطلعها الخط العام للنفاق والمنافقین: (ومن النَّاس من یقول آمنَّا بالله وبال یوم الآخر وماهم بمؤمنین ).

هؤلاء یعتبرون عملهم المذبذب هذا نوعاً من الشطارة والدهاء (یخادعون الله والَّذین آمنوا ) بینما لا یشعر هؤلاء أنّهم یسیئون بعملهم هذا إلى أنفسهم، ویبدّدون بانحرافهم هذا طاقاتهم، ولا یجنون من ذلک إلاّ الخسران والعذاب الإلهی. (وما یخدعون إلاّ أنفسهم وما یشعرون ).

فی الآیة التالیة یبیّن القرآن أنّ النفاق فی حقیقته نوع من المرض، فإنّ الإنسان السالم له وجه واحد فقط، وفی ذاته انسجام تام بین الروح والجسد، لأنّ الظاهر والباطن، والروح والجسم، یکمل أحدهما الآخر. إذا کان الفرد مؤمناً فالإیمان یتجلى فی کل وجوده، وإذا کان منحرفاً فظاهره وباطنه یدلان على انحرافه.

وازدواجیة الجسم والروح مرض آخر وعلّة إضافیة، أنّه نوع من التضاد والانفصال فی الشخصیة الإنسانیة: (فی قلوبهم مرضٌ ).

وبما أنّ سنّة الله فی الکون اقتضت أن یتیسّر الطریق لکل سالک، وأن تتوفر سبل التقدّم لکل من یجهد فی وضع قدمه على الطریق، وبعبارة اُخرى: إنّ تکریس أعمال الإنسان وأفکاره فی خط معین، تدفعه نحو الإنغماس والثبات فی ذلک الخط فقد أضاف القرآن قوله: (فزادهم الله مرضاً ).

وبما أنّ الکذب رأس مال المنافقین، یبرّرون به ما فی حیاتهم من متناقضات، ولهذا أشار القرآن فی ختام الآیة إلى هذه الحقیقة: (ولهم عذابٌ ألیمٌ بما کانوا یکذبون ).

ثم تستعرض الآیات خصائص المنافقین، وتذکر أوّلا أنّهم یتشدّقون بالإصلاح، بینما هم یتحرکون على خط التخریب والفساد: (وإذا قیل لهم لا تفسدوا فی الأرض قالوا إنَّما نحن مصلحون * ألا إنَّهم هم المفسدون ولکن لا یشعرون ).

ذکرنا سابقاً أنّ الإنسان، لو تمادى فی الغیّ والضلال، یفقد قدرة التشخیص، بل تنقلب لدیه الموازین، ویصبح الذنب والإثم جزءً من طبیعته، والمنافقون أیضاً بإصرارهم على انحرافهم یتطبّعون بخط النفاق، وتتراءى لهم أعمالهم بالتدریج وکأنهم أعمال إصلاحیة، وتغدو بصورة طبیعة ثانیة لهم.

علامتهم الاُخرى: إعتدادهم بأنفسهم واعتقادهم أنّهم ذووا عقل وتدبیر، وأنّ المؤمنین

سفهاء وبسطاء: (وإذا قیل لهم آمنوا کما آمن النَّاس قالوا أنؤمن کما آمن السُّفهاء )؟!!.

وهکذا تنقلب المعاییر لدى هؤلاء المنحرفین، فیرون الإنصیاع للحق وإتّباع الدعوة الإلهیّة سفاهة، بینما یرون شیطنتهم وتذبذبهم تعقّلا ودرایة!! غیر أنّ الحقیقة عکس مایرون: (ألا إنَّهم هم السُّفهاء ولکن لا یعلمون ).

ألیس من السفاهة أن لا یضع الإنسان لحیاته خطاً معیناً، ویبقى یتلوّن بألوان مختلفة؟! ألیس من السفاهة أن یضیّع الإنسان وحدة شخصیته، ویتّجه نحو إزدواجیة الشخصیة وتعدّد الشخصیات فی ذاته، ویهدر بذلک طاقاته على طریق التذبذب والتآمر والتخریب، وهو مع ذلک یعتقد برجاحة عقله؟!

العلامة الثالثة لهؤلاء، هی تلوّنهم بألوان معینة تبعاً لما تفرضه علیهم مصالحهم، فهم انتهازیون یظهرون الولاء للمؤمنین ولأعدائهم من الشیاطین: (وإذا لقوا الَّذین آمنوا قالوا آمنَّا وإذا خلوا إلى شیاطینهم قالوا إنّا معکم إنَّما نحن مستهزءون )!.

یؤکّدون لشیاطینهم أنّهم معهم، وأنّ ولاءهم للمؤمنین ظاهری، هدفه الاستهزاء.

وبلهجة قویّة حاسمة یردّ القرآن الکریم على هؤلاء ویقول: (الله یستهزیء بهم ویمدُّهم فی طغیانهم یعمهون ) (1) .

الآیة الأخیرة توضّح المصیر الأسود المظلم لهؤلاء المنافقین، وخسارتهم فی سیرتهم الحیاتیة الضّالة: (اولئک الّذین اشتروا الضَّلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما کانوا مهتدین ).


1.«یعمهون»، من «العَمَه» أی التردّد فی الأمر، وأیضاً بمعنى عمى القلب والبصیرة بسبب التحیّر (راجع: مفردات الراغب، وتفسیر المنار، وقاموس اللغة).
 

 

سورة البقرة / الآیة 8 - 16 1ـ ظهور النّفاق وأسبابه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma