وإذا قُرىء القرآن فاستمعوا وانصتوا:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 204 ـ 206

لقد بدأت هذه السورة (سورة الأعراف) ببیان عظمة القرآن، وتنتهی  بالآیات ـ محل البحث ـ التی تتکلم عن القرآن أیضاً.

وبالرغم من أنّ المفسّرین ذکروا أسباباً لنزول الآیة الاُولى ـ من هذه الآیات محل البحث ـ منها مثلا ما روی عن ابن عباس وجماعة آخرین، أنّ المسلمین فی بادیء أمرهم کانوا یتکلمون فی الصلاة، وربّما ورد شخص (جدید) أثناء الصلاة فیسأل المصلین وهم مشغولون بصلاتهم: کم رکعة صلیتم؟ فیجیبونه: کذا رکعة. فنزلت الآیة ومنعتهم أو نهتهم عن ذلک. (1)

کما نقل الزّهری سبباً آخر لنزول الآیة، وهو أنّه لما کان النّبی یقرأ القرآن، کان شاب من الأنصار یقرأ معه القرآن بصوت مرتفع، فالآیة نزلت ونهت عن ذلک. (2)

وأیّاً کان شأن نزول هذه الآیة، فهی تقول: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّکم ترحمون).

والفعل «انصتوا» مأخوذ من مادة «الإنصات» ومعناه: السکوت المشفوع بالإصغاء والإستماع.

وقد اختلف المفسّرون فی أنّ الإنصات والسکوت هنا فی الآیة، هل هو عند قراءة القرآن فی جمیع الموارد؟ أم هو منحصر وقت الصلاة وعند قراءة إمام الجماعة؟ أم هو عندما یقرأ إمام الجمعة ـ فی خطبة الصلاة ـ القرآن؟

کما أنّ هناک أحادیث شتى فی هذا الصدد فی کتب الفریقین فی تفسیر هذه الآیة. والذی یستفاد من ظاهر الآیة أن هذا الحکم عام غیر مختص بحال ما ولا وقت معیّن. إلاّ أنّ الرّوایات المتعددة الواردة عن الأئمّة الطاهرین، بالإضافة إلى إجماع العلماء واتفاقهم على عدم وجوب الإستماع عند قراءة القرآن فی أیة حال، یُستدل من ذلک على أن هذا الحکم بصورة کلیّة حکم استحبابی، أی ینبغی إن قُرىء القرآن - حیثما کان، وکیف کان ـ أن یستمع الآخرون وینصتوا احتراماً للقرآن، لأنّ القرآن لیس کتاب قراءة فحسب، بل هو کتاب فهم وإدراک، ثمّ هو کتاب عمل أیضاً.

وهذا الحکم المستحب ورد علیه التأکید إلى درجة أنّ بعض الرّوایات عبّرت عنه بالوجوب.

إذ ورد عن الإمام الصادق (علیه السلام) قوله: «یجب الإنصات للقرآن فی الصّلاة وفی غیرها وإذا قرىء عندک القرآن وجب علیک الإنصات والإستماع» (3).

حتى أنّه یستفاد من بعض الرّوایات أن لو کان إمام الجماعة مشغولا بالقراءة فی الصلاة، وقرأ شخص آخر آیة من القرآن فیستحب للإمام السکوت حتى ینهی قراءة الآیة، ثمّ یکمل الإمام قراءته. حیث ورد عن الإمام الصّادق (علیه السلام) أنّ أمیرالمؤمنین علیّ (علیه السلام)کان مشغولا بصلاة الصبح، وکان ابن الکوّا ـ ذلک المنافق الفظّ القلب ـ خلف الإمام مشغولا بالصلاة، فقرأ فجأة (ولقد أوحی إلیک وإلى الذین من قبلک لئن أشرکت لیحبطنّ عملک ولتکوننّ من الخاسرین) (4) وکان هدفه من قراءة الآیة أن یعترض على الإمام علیّ مکنیّاً عن قبول الحکم فی صفین ـ کما احتملوا ذلک ـ لکن الإمام سکت احتراماً للقرآن حتى ینتهی ابن الکوّا من قراءة الآیة، ثمّ رجع الإمام إلى قراءته فأعاد ابن الکوا عمله مرّة ثانیة، فسکت الإمام أیضاً، فکرر ابن الکوّا القراءة ثالثة فسکت علی (علیه السلام) أیضاً، ثمّ تلا قوله تعالى: (فاصبر إنّ وعدَ الله حقّ ولا یستخفّنّک الذین لا یوقنون) (5) وهو یشیر إلى أنّ عذاب الله وعقابه الألیم فی إنتظار المنافقین وغیر المؤمنین، وینبغی أن یتحمل الإنسان أذاهم، ثمّ إنّ الإمام أکمل السورة وهوى إلى الرکوع (6).

ویستفاد من جمیع ما تقدّم، ولا سیما من البحث آنف الذکر، أنّ الإستماع والسکوت عند قراءة آیات القرآن أمر حسن جدّاً إلاّ أنّه بشکل عام غیر واجب... ولعلّ جملة (لعلّکم ترحمون) إضافة إلى الرّوایات والإجماع، تشیر إلى استجباب هذا الحکم أیضاً.

والمورد الوحید الذی یجب فیه السکوت أو یکون حکم السکوت فیه واجباً، هو فی صلاة الجماعه، إذ على المأموم أن یسکت ویستمع لقراءة الإمام، حتى أنّ جمعاً من الفقهاء قالوا: إنّ هذه الآیة تدل على سقوط الحمد والسورة من قبل المأموم «عند صلاه الجماعة».

ومن جملة الرّوایات الدالة على هذا الحکم ما روی من حدیث عن الإمام الباقر (علیه السلام): «وإذا قرىء القرآن فی الفریضة خلف الإمام فاستمعوا له وانصتوا لعلّکم تُرحمون» (7).

وأمّا استعمال «لعل» فی هذه الجملة، فهو ـ کما أشرنا سابقاً ـ لغرض أن تشملکم رحمة الله، فمجرّد السکوت غیر کاف، بل توجد أمور اُخرى منها العمل بالآی أیضاً.

ولا بأس أن نذکر الملاحظة التی بیّنها الفقیه المعروف الفاضل المقداد السیوری فی کتابه «کنز العرفان» إذ فسّر الآیة تفسیراً آخر فقال: إنّ المراد من الآیة هو الإصغاء للآیات وإدراک مفاهیمها والإذعان لإعجازها.

ولعل هذا التّفسیر کان بسبب أنّ الآیة السابقة کانت تتکلم عن المشرکین، إذ کانوا یتذرعون بحجج واهیة فی شأن نزول القرآن، فالقرآن یقول لهم: فاستمعوا وانصتوا لعلکم تعرفون الحق (8).

ولیس هناک مانع من أن نعتبر مفهوم الآیة واسعاً بحیث یشمل جمیع الکفّار والمسلمین، فغیر المسلم علیه أن یستمع وینصت للقرآن ویفکر فیه حتى یؤمن فینال رحمة ربّه، والمسلم علیه أن یستمع ویدرک مفهوم الآی ویعمل به لینال رحمة ربّه، لأنّ القرآن کتاب إیمان وعلم وعمل للجمیع، لا لطائفة خاصّة أو فریق معین.

وفی الآیة التّالیة إکمالا للأمر السابق یخاطب القرآن النّبی الکریم ـ وهذا الحکم کلی وعام أیضاً وإن کان الخطاب موجهاً للنّبی (صلى الله علیه وآله) کما هو الحال فی سائر آیات القرآن الاُخرى وأحکامها ـ إذ یقول سبحانه فی کتابه: (واذکر ربّک فی نفسک تضرّعاً وخیفة) (9).

ثمّ یضیف قائلا: (ودون الجهر من القول بالغدوّ والآصال).

]والآصال: جمع الأصیل، ومعناه قبیل المغرب أو عند الغروب[.

(ولا تکن من الغافلین).

فذکر الله فی کل حال وفی کل وقت، صباحاً ومساءً، مدعاة لإیقاظ القلوب وجلائها من الدرن، وإبعاد الغفلة عن الإنسان. ومثله مثل مزنة الربیع، إذا نزلت أحیت القلوب بأزهار التوجه والإحساس بالمسؤولیة والبصیرة، وکل عمل إیجابی بنّاء!...

ثمّ تختتم هذه الآیة سورة الأعراف بهذه العبارة، وهی أنّکم لستم المکلّفون فقط بذکر الله بل من یذکر الله من موقع الخشیة والاستکانة هم الملائکة المقربون: (إنّ الذین عند ربّک لا یستکبرون عن عبادته ویسبّحونه وله یسجدون).

والتعبیر بـ (عند ربّک) لا یعنی القرب المکانی، لأنّ الله لیس له مکان خاص، بل هو إشارة إلى القرب المقامی، أی إنّ الملائکة وغیرهم من المقربین على رغم مقامهم ومنزلتهم عندالله، فهم لا یقصرون فی التسبیح والذکر لله والسجود له.

والسجدة عند تلاوة هذه الآیة مستحبة، إلاّ أنّ بعض أهل السنّة کأصحاب أبی حنیفة وأتباعه یقولون بوجوبها.

ربّنا نور قلوبنا بنور ذکرک، ذلک النور الذی یفتح لنا طریقنا نحو الحقیقة، ونستمد منه المدد فی نصرة رایة الحق ومکافحة الظالمین وأن ندرک مسؤولیتنا ونؤدّی رسالتنا ـ آمین.

نهایة سورة الأعراف


1. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث وهکذا، تفسیر جامع البیان.
2. تفسیر جامع البیان، ج 9، ص 110، ذیل الآیة مورد البحث.
3. تفسیر البرهان، ج2، ص 57.
4. الزمر، 65.
5. الروم، 60.
6. تفسیر البرهان، ج 2، ص 56.
7. المصدر السابق، ص 57.
8. تفسیر کنزالعرفان، ج 1، ص 195.
9. «التضرّع» مأخوذ من «الضرع» وهو الثدی، والفعل تضرع یطلق على من یتحلب اللبن بأصابعه، ثمّ توسع فی هذا الاستعمال فاُطلق على إظهار الخضوع والتواضع.
سورة الأعراف / الآیة 204 ـ 206
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma