1ـ الزّینة والتّجمل من وجهة نظر الإسلام

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
التّفسیر 2ـ توصیة صحیة هامّة

لقد اختار الإسلام ـ کسائر الموارد ـ حدّ التوسط والإعتدال فی مجال الإنتفاع والاستفادة من أنواع الزینة، لا کما یظن البعض من أنّ التمتع والاستفادة من الزینة والتجمل ـ مهما کان بصورة معتدلة ـ أمر مخالف للزّهد، ولا کما یتصور المفرطون فی استعمال الزینة والتجمل الذین یجوّزون لأنفسهم فعل کل عمل شائن بغیة الوصول إلى هذا الهدف الرخیص.

ولو أننا أخذنا بناء الجسم والروح بنظر الاعتبار، لرأینا أنّ تعالیم الإسلام فی هذا الصعید تنسجم تماماً مع خصائص الروح الإنسانیة وبناء الجسم البشری ومتطلباتهما، واحتیاجاتهما الذاتیة.

توضیح ذلک: إنّ غریزة حبّ الجمال ـ باعتراف علماء النفس ـ هی إحدى أبعاد الروح الإنسانیة الأربعة، والتی تشکل مضافاً إلى غریزة حب الخیر، وغریزة حب الاستطلاع، وغریزة التّدین، الأبعاد الأصیلة فی النفس الإنسانیة. ویعتقدون بأنّ جمیع الظواهر الجمالیة الأدبیة والشعریة، والصناعات الجمیلة، والفن بمعناه الواقعی، إنّما هو نتیجة هذه الغریزة وهذا الإحساس.

ومع هذا کیف یمکن أن یعمد قانون صحیح إلى خنق هذا الحس المتأصل والمتجذر فی أعماق الروح الإنسانیة، ویتجاهل العواقب السیئة فی حال عدم إشباعه بصورة صحیحة؟

ولهذا لم یکتفِ الإسلام بتجویز التمتع بجمال الطبیعة والاستفادة من الألبسة الجمیلة والمناسبة واستعمال کل أنواع العطور فحسب بل اُوصی بذلک وَحُثَّ علیه أیضاً، ورویت فی هذا المجال أحادیث کثیرة عن أئمّة الدین فی المصادر والکتب الموثوقة.

فإننا نقرأ ـ مثلا ـ فی تاریخ حیاة الإمام الحسن المجتبى(علیه السلام) أنّه عندما کان ینهض إلى الصلاة کان یرتدی أحسن ثیابه، ولما سئل: لماذا یلبس أحسن ثیابه؟ قال: «إنّ الله جمیل یحبّ الجمال، فأتجمل لربّی وهو یقول: خذوا زینتکم عند کل مسجد» (1).

وفی الحدیث أنّ أحد الزهاد، ویدعى عباد بن کثیر البصری، رأى الإمام الصادق(علیه السلام)وهو یلبس ثیاباً غالیة الثمن فقال معترضاً علیه: یا أبا عبدالله، إنّک من أهل بیت نبوّة وکان أبوک وکان، فما لهذه الثیاب المزینة علیک؟ فلو لبست دون هذه الثیاب. فقال له أبو عبدالله(علیه السلام): «ویلک ـ یا عباد ـ من حرّم زینة الله التی أخرج لعباده والطیّبات من الرّزق؟» (2).

وأحادیث اُخرى.

إنّ هذا التعبیر، أی إنّ الله جمیل یحب الجمال، أو أنّ الله مصدر الجمال إشارة إلى هذه الحقیقة، وهی : أنّ الاستفادة من کل نوع من أنواع الزینة والجمال لو کان ممنوعاً لما خلق الله تلک الزینة أبداً، إنّ خلق الأشیاء الجمیلة فی عالم الوجود دلیل على أنّ خالقها یحبّ الجمال.

ولکن المهم هنا أنّ الناس یسلکون ـ غالباً ـ فی مثل هذه المواضیع طریق الإفراط والمبالغة، ویعمدون إلى الترف بمختلف الحجج والمعاذیر.

ولهذا یعمد القرآن الکریم فوراً وبعد ذکر هذا الحکم الإسلامی ـ کما أسلفنا ـ إلى تحذیر المسلمین من الإسراف والإفراط والمبالغة فی الاستفادة من هذه الاُمور، ففی أکثر من عشرین موضعاً من القرآن الکریم یشیر إلى مسألة الإسراف ویذمّه بشدّة (وقد تحدثنا بإسهاب حول الإسراف فی تفسیر الآیات المناسبة).

وعلى کل حال، فإنّ اُسلوب القرآن الکریم والإسلام فی هذا الصعید أسلوب یتسم بالتوازن والإعتدال، فلا جمود فیه یقمع الرغبات المودعة فی الروح الإنسانیة إلى الجمال، ولا هو یؤید مسلک المسرفین المتطرفین وذوی البطنة والجشع فی التمتع بالزینة والجمال.

بل هو ینهى حتى عن التزین والتجمل المعتدل فی المجتمعات التی یعیش فیها محرومون ومساکین، ولهذا نلاحظ فی بعض الرّوایات والأحادیث أنّه عندما یُسأل أحد الأئمّة: لماذا یلبس ثیاباً فاخرة، وقد کان جدّه لا یلبس مثل هذه الثیاب؟ فیجیب الإمام(علیه السلام) قائلا: «إنّ على بن أبی طالب(علیه السلام) کان فی زمان ضیق، فإذا اتّسع الزمان فأبرار الزّمان أولى به» (3).


1. وسائل الشیعة، ج 3، أبواب أحکام الملابس; وتفسیر العیاشی، ج 2، ص 14.
2. المصدر السابق.
3. وسائل الشیعة، ج 5، ص 20; وبحارالانوار، ج 47، ص 360.
التّفسیر 2ـ توصیة صحیة هامّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma