تکمل هاتان الآیتان البحث الذی جرى فی الآیات السابقة عن الدعوة إلى الله والمعاد وحقائق الإسلام والخشیة من عقاب الله.
الآیة الاُولى: تخبر رسول الله (صلى الله علیه وآله) أنّ قومه ـ أی قریش وأهل مکّة ـ لم یصدقوا ما یقول مع أنّه صدق وحق وتؤکّده الأدلة العقلیة المختلفة والفطریة: (وکذّب به قومک وهو الحقّ ) (1)ثمّ یصدر الأمر إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله): (قل لست علیکم بوکیل ) أی إنّما أنا رسول ولست أضمن قبولکم.
فی الآیات الکثیرة المشابهة لهذه الآیة (کالآیات 107 ـ الأنعام، 108 ـ یونس، 41 ـ الزمر، 6 ـ الشورى) یتبیّن أنّ المقصود من «وکیل» فی هذه المواضع هو المسؤول عن الهدایة العملیة للأفراد والضامن لهم لذلک فإنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله)یقول لهم فی هذه الآیة: إنّ الأمر یعود إلیکم، فأنتم الذین یجب أن تتخذوا القرار النهائی فی قبول الحقیقة أو ردّها، فما أنا إلاّ رسول اُبلّغ رسالة الله.
وفی الآیة التّالیة القصیرة ذات المعنى العمیق تحذیر لهم، ودعوة إلى إختیار الطریق الصحیح، (ولکلّ نبإ مستقرّ وسوف تعلمون ) (2) أی أنّ کل خبر أخبرکم به الرّسول (صلى الله علیه وآله)فی هذه الدنیا أو فی الآخرة موضع ومقر، وسوف یتحقق فی موعده المقرر، وعندئذ ستعرفون ذلک.