شروط استجابة الدعاء:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 55 ـ 56 سورة الأعراف / الآیة 57 ـ 58

لقد أثبتت الآیة السابقة ـ فی ضوء ما أقیم من برهان واضح ـ هذه الحقیقة، وهی أنّ الذی یستحق العبادة فقط هو الله، وفی عقیب ذلک ورد الأمر هنا بالدعاء، الذی هو مخ العبادة وروحها، یقول أوّلا: (ادعوا ربّکم تضرّعاً وخفیةً ).

و«التضرع» فی الأصل من مادة «ضَرْع» بمعنى الثدی، وعلى هذا یکون فعل التضرع بمعنى حلب اللبن من الضرع، وحیث إنّه عند حلب اللبن تتحرک الأصابع على حلمة الثدی من جهاتها المختلفة استداراً للحلیب، لهذا استعملت هذه الکلمة فی من یظهر حرکات خاصّة إظهاراً للخضوع والتواضع.

وعلى هذا فإنّ الآیة المبحوثة، وعبارة (ادعو ربّکم تضرّعاً ) تحثّنا على أن نقبل على الله بمنتهى الخضوع والخشوع والتواضع، بل یجب أن تنعکس روح الدعاء فی أعماق روح الإنسان، وعلى جمیع أبعاد وجوده، ویکون اللسان مجرّد ترجمانها، ویتحدث نیابة عن جمیع أعضائه.

وأمره تعالى ـ فی الآیة الحاضرة ـ بأن یدعى الله «خفیة» وفی السّر، لأنّه أبعد عن الریاء، وأقرب إلى الإخلاص، ولأجل أن یکون الدعاء مقروناً بتمرکز الفکر وحضور القلب.

ونحن نقرأ فی حدیث أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) لما کان فی إحدى غزواته، ووصل جنود الإسلام إلى واد رفعوا أصواتهم بالتهلیل والتکبیر قائلین: «لا إله إلاّ الله»«الله أکبر» فقال النّبی(صلى الله علیه وآله):

«یا أیّها الناس اربعوا على أنفسکم، أما إنّکم لا تدعون أصمّ ولا غائباً، إنّکم تدعون سمیعاً قریباً، إنّه معکم» (1).

کما ویحتمل فی هذه الآیة أیضاً أن یکون المراد من «التضرع» هو الدعاء الظاهر العلنی، والمراد من «الخفیة» الدعاء الخفی السّری، لأنّ لکل مقام اقتضاءً خاصّاً، فقد یقتضی أن یکون الدعاء علناً، وربّما یقتضی خفیة وسراً، وهناک روایة وردت فی ذیل هذه الآیة تؤید هذا الموضوع.

ثمّ قال تعالى فی ختام الآیة: (إنّه لا یحبّ المعتدین ) أی إنّ الله لا یحب المعتدین.

ولهذه العبارة معنى وسیع یشمل کل نوع من أنواع العدوان والتجاوز، سواء الصراخ ورفع الصوت عالیاً جداً حین الدعاء، أو التظاهر وممارسة الریاء، أو التوجه إلى غیر الله حین الدعاء.

وفی الآیة اللاحقة یشیر تعالى إلى حکم هو فی الحقیقة شرط من شروط تأثیر الدعاء، إذ قال: (ولا تفسدوا فی الأرض بعد إصلاحها ).

ومن المسلم أنّ الأدعیة إنّما تکون عند الله أقرب إلى الإجابة إذا تحققت فیها الشرائط اللازمة، ومن جملة ذلک أن یکون الدعاء مقترنا بالجوانب البناءة والعملیة فی حدود المستطاع، وأن تراعى حقوق الناس، وأن تلقی حقیقة الدعاء بأنوارها وظلالها على وجود الإنسان الداعی بأسره، ولهذا فلا تستجاب أدعیة المفسدین والعصاة، ولا تنتهی إلى أیة نتیجة مرجوّة.

والمراد من «الفساد بعد الإصلاح» یمکن أن یکون الإصلاح من الکفر أو الظلم أو کلیهما، جاء فی روایة عن الإمام الباقر(علیه السلام): (إنّ الأرض کانت فاسدة فأصلحها نبیّه(صلى الله علیه وآله)» (2).

ومرّة اُخرى یعود إلى مسألة الدعاء ویذکر شرطاً آخر من شرائطه فیقول: (وادعوه خوفاً وطمعاً ).

أی لا تکونوا راضین معجبین بأفعالکم بحیث تظنون أنّه لا توجد فی حیاتکم أیّة نقطة سوداء، إذ إنّ هذا الظن هو أحد عوامل التقهقر والسقوط، کما لا تکونوا یائسین إلى درجة أنّکم لا ترون أنفسکم لائقین للعفو الإلهی ولإجابة الدعاء، إذ إنّ هذا الیأس والقنوط هو الآخر سبب لإنطفاء شعلة السعی والإجتهاد، بل لابدّ أن تعرجوا نحوه تعالى بجناحی (الخوف) و(الأمل) الخوف من المسؤولیات والعثرات، والأمل برحمته ولطفه.

وفی خاتمة الآیة یقول تعالى للمزید من التأکید على أسباب الأمل بالرحمة الإلهیّة (إنّ رحمت الله قریب من المحسنین ).

ویمکن أن تکون هذه العبارة إحدى شرائط إجابة الدعاء، یعنی إذا کنتم تریدون أن لا تکون أدعیتکم خاویة، ومجرّد لقلقة لسان، فیجب أن تقرنوها بعمل الخیر والإحسان، لتشملکم الرحمة الإلهیّة بمعونة ذلک وتثمر دعواتکم، وبهذا تکون الآیة قد تضمنت الإشارة إلى خمسة من شرائط قبول الدعاء وإجابته، وهی باختصار کالتالی:

أن یکون الدعاء عن تضرّع وخفیة.

أن لا یتجاوز حدّ الإعتدال.

أن لا یکون مقروناً بالإفساد والمعصیة.

أن یکون مقروناً بالخوف والامل المعتدلین.

أن یکون مقروناً بالبرّ والإحسان، وفعل الخیرات.


1. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 271.
2. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 272; وتفسیر العیاشی، ج 2، ص 19.
سورة الأعراف / الآیة 55 ـ 56 سورة الأعراف / الآیة 57 ـ 58
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma