علائم أهل النّار:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 179 ـ 181 لماذا هم کالأنعام؟

هذه الآیات تکمّل الموضوع الذی تناولته الآیات المتقدمة حول العلماء الذین رکنوا إلى الدنیا، وعوامل الهدایة والضلال. والآیات ـ محل البحث ـ تقسم الناس إلى مجموعتین... وتحکی عن صفاتهما وهما أهل النّار، وأهل الجنّة.

فتتحدث عن المجموعة الاُولى ـ أهل النّار ـ أوّلا، فتأتی بالقسم والتوکید فتقول (ولقد ذرأنا لجهنّم کثیراً من الجنّ والإنس).

وکلمة «ذرأنا» مشتقّة من «ذَرَأَ»، وتعنی هنا الإیجاد والخلق، غیر أنّها فی أصل اللغة تعنی نشر الشیء وتفریقه، وقد وردت بهذا المعنى «الثّانی» فی القرآن أیضاً، کما فی عبارة (تذروه الرّیاح) (1) .

ولأنّ خلق الکائنات یستلزم تفریقها وتوزیعها وانتشارها على وجه الأرض، فقد جاءت هذه الکلمة بمعنى خلق «المخلوق» أیضاً.

وعلى کل حال، فإنّ الإشکال المهم فی هذا التعبیر هو کیف قال الله سبحانه (ولقد ذرأنا لجهنّم کثیراً من الجنّ والإنس)؟ فی حین قال فی مکان آخر (وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ لیعبدون) (2) وطبقاً لمعنى هذه الآیة فإنّ الجن والإنس لم یخلقوا لغیر عبادة الله والرقی والتکامل والسعادة، أضف إلى ذلک أنّ هذا التعبیر تُشمّ منه رائحة الجبر فی الخلق، ومن هنا فقد استدل بعض مؤیدی مدرسة الجبر من أمثال الفخر الرازی بهذه الآیة لإثبات مذهبه.

لکنّنا لو ضممنا آیات القرآن بعضها إلى بعض وبحثناها موضوعیّاً دون أن نُبتلى بالسطحیّة، لوجدنا الجواب على هذا السؤال کامناً فی الآیة محل البحث ذاتها، کما هو بیّن فی آیات اُخرى من القرآن الکریم أیضاً... بحیث لا یدع مجالا لأن تُستغل الآیة لیُساء فهمها لدى بعض الأفراد. مثلُ هذا التعبیر کمثل قول النجار إذ یقول مثلا: إنّ قسماً کبیراً من هذا الخشب قد هیأته لکی أصنع منه أبواباً جمیلة، والقسم الآخر هو للإحراق والإضرام... فالخشب الرائق الجیّد المناسب سأستعمله للقسم الأوّل، وأمّا الخشب الردیء غیر المناسب فسأدعه للقسم الثّانی.

ففی الحقیقة أنّ للنجار هدفین: هدفاً «أصیلا» وهدفاً «تبعیّاً».

فالهدف الأصیل هو صنع الأبواب والاُطر الخشبیّة الجیّدة وما إلى ذلک، وهو یبذل قصارى جهده وسعیه فی هذا المضمار...

إلاّ أنّه حین یجد أنّ بعض الخشب لا ینفعه شیئاً، فسیکون مضطراً إلى نبِذه لیکون حَطباً للحرق والإشعال، فهذا الهدف «تبعیّ» لا أصلی.

والفرق الوحید بین هذا المثال وما نحن فیه، أنّ الاختلاف بین أجزاء الخشب لیس اختیاراً، واختلاف الناس له صلة وثیقة بأعمالهم أنفسهم، وهم مختارون وإرادتهم حرّة بإزاء أعمالهم.

وخیر شاهد على هذا الکلام ما جاء من صفات لأهل النّار وصفات لأهل الجنّة فی الآیات محل البحث، التی تدلّ على أنّ الأعمال هی نفسها أساس هذا التقسیم، إذ کان فریق منهم فی الجنّة، وفریق فی السعیر.

وبتعبیر آخر فإنّ الله سبحانه ـ ووفقاً لصریح آیات القرآن المختلفة ـ خلق الناس جمیعهم على نسق واحد طاهرین، ووفّر لهم أسباب السعادة والتکامل، إلاّ أنّ قسماً منهم إختاروا بأعمالهم جهنّم فکانوا من أهلها فکان عاقبة أمرهم خُسراً... وأنّ قسماً منهم إختاروا بأعمالهم الجنّة وکان عاقبة أمرهم السعادة....

ثمّ یلخّص القرآن صفات أهل النّار فی ثلاث جمل، إذ تقول الآیة: (لهم قلوب لا یفقهون بها)...

وقد قلنا مراراً: إنّ التعبیر بـ «القلب» فی مصطلح القرآن یعنی الفکر والروح وقوّة العقل، أی إنّهم بالرّغم ممّا لدیهم من استعداد للتفکیر، وأنّهم لیسوا کالبهائم فاقدی الشعور والإدراک، إلاّ أنّهم فی الوقت ذاته لا یفکرون فی عاقبتهم ولا یستغلون تفکیرهم لیبلغوا السعادة.

والصفة الثّانیة التی ذکرتها الآیة لأهل النّار (ولهم أعین لا یبصرون بها).

والصفة الثّالثة الواردة فی حقهم (ولهم آذان لا یسمعون بها اُولئک کالأنعام بل هم أضلّ).

لأنّ البهائم والأنعام لا تملک هذه الإستعدادات والإمکانات، إلاّ أنّهم بما لدیهم من عقل سالم وعین باصرة وأذن سامعة، بإمکانهم أن یبلغوا کل مراتب الرقی والتکامل، إلاّ أنّهم نتیجةً لإتباعهم هواهم ورغبتهم ـ بکل هذه التوافه من الاُمور ترکوا هذه الإستعدادات جانباً... وکان شقاؤهم کبیراً لهذا السبب: (اُولئک هم الغافلون).

فالمَعین الذی یحییهم ویروی ظمأهم موجود إلى جانبهم وهم على مقربة منه، إلاّ أنّهم یتصارخون من الظمأ وأبواب السعادة مفتحة أمامهم لکنّهم لا یلتفتون إلیها.

ویتّضح ممّا ذکرناه أنفاً أنّهم إختاروا بأنفسهم سُبلَ شقائهم وهدروا النعم الکبرى «العقل والعین والأذن...» لا أنّ الله أجبرهم على أن یکونوا من أهل النّار.


1. الکهف، 45.
2. الذاریات، 56.
سورة الأعراف / الآیة 179 ـ 181 لماذا هم کالأنعام؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma