وهنا یطرح سؤال هو: کیف حُصِرَت جمیع المحرّمات الإلهیّة ـ فی مجال الأطعمة ـ فی أربعة أشیاء، مع أنّنا نعلم بأنّ الأطعمة المحرّمة لا تنحصر فی هذه الأشیاء، مثل لحوم الحیوانات المفترسة، ولحوم الحیوانات البحریة (إلاّ ما کان له فلس من الأسماک) وما شابه، فهذه کلّها حرام، فی حین لم یجیء فی الآیة أىّ ذکر عن تلک اللحوم، بل حصرت المحرّمات فی هذه الأشیاء الأربعة؟!
قال البعض فی مقام الإجابة على هذا السؤال، بأنَّ هذه الآیات نزلت فی مکّة وحکم الأطعمة المحرّمة الاُخرى لم ینزل بعدُ.
غیر أنّ هذه الإجابة تبدو غیر صحیحة، والشاهد على ذلک أنّ نفس هذا التعبیر أو نظیره قد ورد فی السُوَر المدنیة مثل الآیة 173 من سورة البقرة.
والظاهر أنّ هذه الآیة ناظرة ـ فقط ـ إلى نفی الأحکام الخرافیة التی کانت شائعة وسائدة فی أوساط المشرکین، فالحصر «حصر إضافی» لا حقیقیّ.
وبعبارة اُخرى: کأنَّ الآیة تقول: المحرّمات الإلهیة هذه، ولیس ما نسجته أوهامُکم.
ولکی تتّضح هذه الحقیقة لا بأس بأن نضرب لذلک مثلا:
یسألنا أحد: هل جاء الحسن والحسین کلاهما، فنجیب: کلاّ بل جاء الحسن فقط، لا شک أنّنا هنا نرید نفی مجیء الشخص الثانی (أی الحسین) ولکن لا مانع من أن یکون آخرون ـ ممن لم یکونوا محور حوارنا أصلا ـ قد جاؤوا أیضاً، وهذا هو ما یسمى بالحصر الإضافی (أو النسبیّ).
نعم، لابدّ من الإنتباه إلى نقطة مهمّة، وهی أنّ ظاهرَ الحصر ـ عادةً ـ الحصرُ الحقیقی إلاّ فی الموارد التی یوجد فیها قرائن صارفة عن مدلول الظاهر مثل ما نحن فیه الآن.