لم ترد فی آیة من آیات القرآن أدلة عدیدة على حقانیة دعوة الرّسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) کما جاء فی هذه الآیة... فلو أنّنا أمعنا النظر بدقة فی الصفات السبع التی ذکرها الله تعالى فی هذه الآیة لنبیه محمّد (صلى الله علیه وآله)لوجدنا أنّها تحتوی على خمسة أدلة واضحة لإثبات نبوّته:
الأوّل: أنّه «أمّی» لم یدرس، ولکنّه مع ذلک أتى بکتاب لم یغیّر مصیر أهل الحجاز فقط، بل کان نقطة تحول هام فی التاریخ البشری، حتى أنّ الذین لم یقبلوا بنبوته لم یشکوا فی عظمة کتابه وتعالیمه.
فهل یتفق والحسابات الطبیعیة أن یقوم بهذا العمل شخص نشأ فی بیئة جاهلیة ولم یتتلمذ على أحد؟
الثّانی: أنّ دلائل نبوته قد وردت بتعابیر مختلفة فی الکتب السماویة السابقة على نحو توجد علماً لدى المرء بحقانیته... فإنّ البشارات التی جاءت فی تلک الکتب لا تنطبق إلاّ علیه (صلى الله علیه وآله) فقط.
الثّالث: أن محتویات دعوته تنسجم انسجاماً کاملا مع العقل، لأنّه یدعو إلى المعروف، والنهی عن المنکر والقبائح، وهذا الموضوع یتّضح بجلاء بمطالعة تعالیمه.
الرّابع: أنّ محتویات دعوته منسجمة مع الطبع السلیم والفطرة السویّة.
الخامس: لو لم یکن من جانب الله لکان علیه أن یقوم بما یضمن مصالحه الخاصّة، وفی هذه الصورة کان یتعین علیه أن لا یرفع الأغلال والسلاسل عن الناس، بل علیه أن یبقیهم فی حالة الجهل والغفلة لاستغلالهم بنحو أفضل، فی حین أنّنا نجده یحرر الناس من الأغلال الثقیلة.
أغلال الجهل والغفلة عن طریق الدعوة المستمرة إلى العلم والمعرفة.
أغلال الوثنیة والخرافة عن طریق الدعوة إلى التوحید.
أغلال التمییز بکل أنواعه، والحیاة الطبقیة بجمیع أصنافها، عن طریق الدعوة إلى الأخوة الدینیة والإسلامیة، والمساواة أمام القانون.
وهکذا سائر الأغلال الاُخرى.
إنّ کل واحد من هذه الدلائل لوحده دلیل على حقانیة دعوته، کما أنّ مجموعها دلیل أوضح وأقوى.
