لماذا هم کالأنعام؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
علائم أهل النّار: 1ـ ما هی الأسماء الحسنى؟

لقد شبّه القرآن الکریم الجاهلین الغافلین عدیمی الشعور بالأنعام والبهائم مراراً، إلاّ أن تشبیه القرآن هؤلاء بالأنعام لعلّه بسبب إنهماکهم باللذائذ والشهوات الجنسیة والنوم فحسب، فهم کالاُمم التی تحلم فی الوصول إلى حیاة مادیة مرفهة تحت شعارات برّاقة تخدع الإنسان بأنّ آخر هدف للعدالة الاجتماعیة والقوانین البشریة هو الحصول على الخبز والماء...

وکما یشبهها الإمام علی (علیه السلام) فی نهج البلاغة قائلا: «کالبهیمة المربوطة همّها علفها أو المرسلة شغلها تقممها» (1) .

وبتعبیر آخر: إنّ جماعة منهم تنعم بالرفاه کالأغنام المربوطة التی تُدجن لتسمن، وجماعة آخرین کالغنم السائمة الباحثة عن العلف والماء فی الصحراء، إلاّ أنّ هدف کل منهما هو ما یشبع البطن لیس إلاّ!.

وهذا الذی ذکرناه أنفاً قد یصدق على شخص معین کما قد یصدق على اُمّة کاملة برمّتها، فالاُمم التی لا تفکر بنفسها وتتلّهى بالاُمور التافهة غیر الصائبة، ولا تعالج جذور شقائها ولا تطمح لأسباب الرقّی، لیس لها آذان سامعة ولا أعین باصرة، فهی من أهل النّار أیضاً، لا نار القیامة فحسب، بل هی مبتلاة بنار الدنیا وشقائها کذلک.

وفی الآیة التّالیة إشارة إلى حال أهل الجنّة وبیان لصفاتهم، فتبدأ الآیة بدعوة الناس إلى التدبّر والتوجّه إلى أسماء الله الحسنى کمقدمة للخروج من صف أهل النّار، فتقول: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها).

والمراد من «أسماء الله الحسنى» هی صفات الله المختلفة التی هی حُسنى جمیعاً، فنحن نعرف أنّ الله عالم قادر رازق عادل جواد کریم رحیم، کما أنّ له صفات اُخرى حسنى من هذا القبیل أیضاً.

فالمراد من دعاء الله بأسمائه الحسنى، لیس هو ذکر هذه الألفاظ وجریانها على اللسان فحسب، کأن نقول مثلا: یا عالم یا قادر یا أرحم الراحمین، بل ینبغی أن نتمثّلَ هذه الصفات فی وجودنا ما استطعنا إلى ذلک سبیلاً، وأن یشعّ إشراق من علمه وشعاع من قدرته وجانب من رحمته الواسعة فینا وفی مجتمعنا.

وبتعبیر آخر: ینبغی أن نتّصف بصفاته ونتخلّق بأخلاقه، لنستطیع بهذا الشعاع، شعاع العلم والقدرة والرحمة والعدل أن نُخرج أنفسنا ومجتمعنا الذی نعیش فیه من سلک أهل النّار...

ثمّ تحذر الآیة من هذا الأمر، وهو أن تُحرّف أسماؤه فتقول: (وذروا الذین یُلحدون فی أسمائه سیجزون ما کانوا یعملون).

والإلحاد ـ فی الأصل ـ مأخوذ من مادة «اللَّحْد» على زنة «المَهْد» التی تعنی الحفرة التی تقع فی طرف واحد، وعلى هذا الأساس فقد سمّیت الحفرة التی تکون فی جانب القبر «لحداً».

ثمّ اُطلق هذا الاستعمال «الإلحاد» على کل عمل ینحرف عن الحدّ الوسط نحو الإفراط أو التفریط، ولذلک فقد سمّی الشرک وعبادة الأوثان إلحاداً أیضاً.

والمقصود من الإلحاد فی أسماء الله هو أن نحرِف ألفاظها أو مفاهیمها، بحیث نصفه بصفات لا تلیق بساحته المقدّسة، کما یصفه المسیحیون بالتثلیث «الأب والابن وروح القدس» أو أن نطبّق صفاته على المخلوقین کما فعل ذلک المشرکون وعبدة الأوثان إذ اشتقوا لأصنامهم أسماءً من أسماء الله فسمّوها اللات والعزّى ومناة... (وغیرها) فهذه الأسماء مشتقّة من الله والعزیز والمنان «على التوالی».

أو أنّهم حرّفوا صفاته حتى شبّهوه بالمخلوقات، أو عطّلوا صفاته، وما إلى ذلک.

أو أنّهم اکتفوا بذکر الإسم فحسب دون أن یتمثلوه ویعرفوا آثاره فی أنفسهم وفی مجتمعاتهم.

وفی آخر آیة من الآیات محل البحث إشارة إلى صفتین من أبرز صفات أهل الجنّة، إذ تقول الآیة: (وممّن خلقنا أُمّة یهدون بالحقّ وبه یعدلون).

وفی الواقع، إنّ لهؤلاء منهجین ممتازین فأفکارهم وأهدافهم ودعواتهم وثقافاتهم حقّة، وهی فی اتجاه الحق أیضاً، کما أنّ أعمالهم وخططهم وحکوماتهم قائمة على أساس الحق والحقیقة.


1. نهج البلاغة، الرسالة 45.
علائم أهل النّار: 1ـ ما هی الأسماء الحسنى؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma