مصیر قوم لوط المؤلم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 80 ـ 84 سورة الأعراف / الآیة 85 ـ 87

فی هذه الآیات یستعرض القرآن الکریمُ فَصلا آخر غنیاً بالعبر من قصص الأنبیاء، وبذلک یواصل هدف الآیات السابقة ویکمله، والقصة هذه المرّة هی قصة النّبی الإلهی العظیم «لوط».

ولقد ذکرت هذه القصة فی عدّة سور من القرآن الکریم، منها سورة «هود» و«الحجر» و«الشعراء» و«الأنبیاء» و«النمل» و«العنکبوت».

وهنا یشیر القرآن الکریم ـ ضمن آیات خمس ـ إلى خلاصة سریعة عن الحوار الذی دار بین لوط، وقومه.

ویظهر أنّ الهدف الوحید فی هذه السورة (الأعراف) هو تقدیم عصارات وخلاصات من مواجهات الأنبیاء وحواراتهم مع الجماعات المتمردة من أقوامهم، ولکن الشرح الکامل لقصصهم موکول إلى السور القرآنیة الاُخرى (وسوف نأتی بقصّة هذه الجماعة بصورة مفصلة فی سورة هود والحجر إن شاء الله).

الآیة الاُولى تقول فی البدء: اذکروا إذ قال لوط لقومه: أترتکبون فعلا قبیحاً لم یفعله

قبلکم أحد من الناس؟ (ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ماسبقکم بها من أحد من العالمین )؟!

فهذه المعصیة مضافاً إلى کونها عملا قبیحاً جدّاً ـ لم یفعلها قبلکم أحد من الأقوام ـ وبذلک یکون قبح هذا العمل الشنیع مضاعفاً، لأنّه أصبح أساساً لسنّة سیئة، وسبباً لوقوع الآخرین فی المعصیة عاجلا أو آجلا.

ویستفاد من الآیة الحاضرة أنّ هذا العمل القبیح ینتهی ـ من الناحیة التاریخیة ـ إلى قوم لوط، وکانوا قوماً أثریاء مترفین شهوانیین، سنذکر أحوالهم بالتفصیل فی السور التی أشرنا إلیها إن شاء الله تعالى.

وفی الآیة اللاحقة یشرح المعصیة التی ذکرت فی الآیة السابقة ویقول: (إنّکم لتأتون الرّجال شهوة من دون النّساء ).

وأی انحراف أسوأ وأقبح من أن یترک الإنسان وسیلة تولید النسل وإنجاب الأولاد، وهو مقاربة الرجل للمرأة، والذی أودعه الله فی کیان کل إنسان بصورة غریزیة طبیعیة، ویعمد إلى «الجنس الموافق»، ویفعل بالتالی ما یخالف ـ أساساًـ الفطرة، والترکیب الطبیعی للجسم والروح الإنسانیین، والغریزة السویة الصحیحة، ویکون نتیجته عقم الهدف المتوخى من المقاربة الجنسیة.

وبعبارة اُخرى: یکون أثره الوحید، هو الإشباع الکاذب والمنحرف للحاجة الجنسیة، والقضاء على الهدف الأصلی، وهو إستمرار النسل البشری.

ثمّ یقول تعالى فی نهایة الآیة: (بل أنتم قوم مسرفون ) أی تجاوزتم حدود الله، ووقعتم فی متاهة الانحراف والتجاوز عن حدود الفطرة.

ویمکن أن تکون هذه العبارة إشارة إلى أنّهم لم یسلکوا سبیل الإسراف فی مجال الغریزة الجنسیة فحسب، بل تورطوا فی مثل هذا الانحراف والاسراف فی کل شی، وفی کل عمل.

والجدیر بالذکر أنّ الآیة الاُولى ذکرت الموضوع بصورة مجملة، ولکن الآیة الثّانیة ذکرته بصورة مبیّنة وواضحة، وهذا هو أحد فنون البلاغة عند بیان القضایا الهامة، فإذا فعل أحد عملا شیئاً قال له مرشده وولیه الواعی الحکیم، لبیان أهمّیة الموضوع: أنت إرتکبت ذنباً عظیماً، فإذا قال له الشخص، ماذا فعلت؟ یقول له مرّة اُخرى: أنت إرتکبت ذنباً عظیماً، وفی المآل یکشف القناع عن فعله ویشرحه.

إنّ هذا النوع من البیان یهیء فکر الطرف الآخر للوقوف تدریجاً على شناعة عمله القبیح وخطورته، وهو أبلغ فی التأثیر.

وفی الآیة اللاحقة أشار القرآن الکریم إلى الجواب المتعنت وغیر المنطقی لقوم لوط، وقال: إنّهم لم یکن لدیهم أی جواب فی مقابل دعوة هذا النّبی الناصح المصلح، إلاّ أن قالوا: أخرجوا لوطاً وأتباعه من مدینتکم. ولکن ما کان ذنبهم؟ إنّ ذنبهم هو أنّهم کانوا جماعة طاهرین لم یلوثوا أنفسهم بأدران المعصیة (وماکان جواب قومه إلاّ أن قالوا أخرجوهم من قریتکم إنّهم أناس یتطهّرون ).

وهذا لیس موضع تعجب وإستغراب أن یطرد جماعة من العصاة الفسقة أشخاصاً طاهرین لا لشیء إلاّ لأنّهم أنقیاء الجیب، یجتنبون المنکرات، وذلک لأنّ هؤلاء القوم یعتبرون هؤلاء مزاحمین لشهواتهم، فکانت نقاط القوة لدى اُولئک الأطهار نقاط ضعف وعیب فی نظرهم.

ویحتمل أیضاً فی تفسیر جملة (إنّهم أناس یتطهّرون ) أنّ قوم لوط کانوا یریدون بهذه العبارة أن یتهموا ذلک النّبی العظیم وأتباعه الأتقیاء بالریاء والتظاهر بالتطهر، کما سمعنا وقرأنا فی الأشعار کثیراً حیث یتهم الخمارون الأشخاص الطیبین النزیهین بالریاء والتظاهر، ویعتبرون (خرقتهم الملوثة بالخمر) أفضل من (سجادة الزاهد) وهذا نوع من التزکیة الکاذبة للنفس التی یتذرع بها هؤلاء العصاة الأشقیاء.

مع ملاحظة کل ما قیل فی الآیات الثلاثة أعلاه، یستطیع کل قاض منصف أن یصدر حکمه بحق مثل هذه الجماعات والأقوام الذین یتوسلون ـ فی مقابل إصلاح المصلحین ونصیحة الناصحین، ودعوة نبی إلهیّ عظیم ـ بالتهدید والإتهام، ولا یعرفون إلاّ لغة القوّة والقهر، ولهذا قال الله تعالى فی الآیة اللاحقة: (فأنجیناه وأهله إلاّ امرأته کانت من الغابرین ) (1)أی لما بلغ الأمر إلى هذا الحد أنجینا لوطاً وأتباعه الواقعیین وأهله الطیبین، إلاّ زوجته التی کانت على عقیدة قومه المنحرفین فترکناها.

قال البعض: إنّ کلمة «أهل» وإن کان المتعارف إطلاقها على العائلة، ولکن فی الآیة الحاضرة استعملت فی الأتباع الصادقین ـ أیضاً ـ یعنی أنّهم کانوا معدودین جزءاً من أهله وعائلته أیضاً، ولکن یستفاد من الآیة 36 من سورة الذاریات أنّه لم یؤمن بلوط ودعوته أحد من قومه قط إلاّ عائلته وأقرباؤه، وعلى هذا الأساس یکون لفظ الأهل هنا مستعملا فی معناه الأصلی، أی أقرباؤه.

من الآیة 10 من سورة التحریم إجمالا أنّ زوجة لوط کانت فی البدایة امرأة صالحة، ولکنّها سلکت سبیل الخیانة فیما بعد، وجرأت أعداء لوط علیه.

وفی آخر آیة من الآیات إشارة قصیرة جداً ـ ولکن ذات مغزى ومعنى  عمیق ـ إلى العقوبة الشدیدة والرهیبة التی حلّت بهؤلاء القوم، إذ قال تعالى: (وأمطرنا علیهم مطراً ) أیّ مطر... إنّه کان مطراً عجیباً حیث إنهالت علیهم الشهب والنیازک کالمطر وأبادتهم عن آخرهم!!.

إنّ هذه الآیة وإن لم تبیّن نوع المطر الذی نزل على القوم، ولکن من ذکر لفظة «المطر» بصورة مجملة اتضح أنّ ذلک المطر لم یکن مطراً عادیاً، بل کان مطراً من الحجارة، کما سیأتی فی سورة هود الآیة 83.

(فانظر کیف کان عاقبة المجرمین ).

إنّ هذا الخطاب وإن کان موجهاً إلى النّبی (صلى الله علیه وآله) ولکنّه من الواضح أنّ الهدف هو اعتبار جمیع المؤمنین به.

هذا وسیأتی تفصیل قصّة هذه الجماعة، وکذا مضار اللواط المتعددة، وحکمه فی الشریعة الإسلامیة، عند تفسیر آیات سورة «هود» و«الحجر».


1. یقال «الغابر» لمن ذهب أهله وفنوا وبقی هو وحده، کما ذهبت عائلة لوط معه، وبقیت زوجته وحدها، وأصیبت بما أصیب به العصاة.
سورة الأعراف / الآیة 80 ـ 84 سورة الأعراف / الآیة 85 ـ 87
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma