تناولت الآیات السابقة موضوع قیام تعالیم الإسلام على أساس المنطق، وقیام دعوته على أساس الاستدلال والإقناع لا الإکراه، وهذه الآیة تواصل نفس التوجیهات فتنهى عن سبّ ما یعبد الآخرون ـ أی المشرکون ـ لأنّ هذا سوف یدعوهم إلى أن یعمدوا هم أیضاً ـ ظلماً وعدواناً وجهلا ـ إلى توجیه السب إلى ذات الله المقدّسة: (ولا تسبّوا الذین یدعون من دون الله فیسبّوا الله عدواً بغیر علم ).
یروى أنّ بعض المؤمنین کانوا یتألمون عند رؤیتهم عبادة الأصنام، فیشتمون أحیاناً الأصنام أمام المشرکین، وقد نهى القرآن نهیاً قاطعاً عن ذلک، وأکّد التزام قواعد الأدب واللیاقة حتى فی التعامل مع أکثر المذاهب بطلاناً وخرافة. (1)
إنّ السبب واضح، فالسّب والشّتم لا یمنعان أحداً من المضی فی طریق الخطأ، بل إنّ التعصّب الشدید والجهل المطبق الذی یرکب هؤلاء یدفع بهم إلى التمادی فی العناد واللجاجة وإلى التشبث أکثر بباطلهم، ویستسهلون إطلاق ألسنتهم بسبّ مقام الرّبوبیة جلّ وعلا، لأنّ کل اُمّة تتعصّب عادة لعقائدها وأعمالها کما تقول العبارة التّالیة من الآیة: (کذلک زیّنّا لکلّ اُمّة عملهم ).
وفی الختام تقول الآیة: (ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فینبّئهم بما کانوا یعملون ).