إذ لم تنفع المواعظ:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 94 ـ 95 سورة الأعراف / الآیة 96 ـ 100

إنّ هذه الآیات ـ التی ذکرت بعد استعراض قصص مجموعة من الأنبیاء العظام، مثل نوح وهود وصالح ولوط وشعیب، وقبل أن یعمد القرآن الکریم إلى استعراض قصّة موسى بن عمران ـ أشارت إلى عدّة أصول وقواعد عامّة تحکم فی جمیع القصص والحوادث، وهی قواعد واُصول إذا فکَّرنا فیها کشفت القناع عن حقائق قیمة ترتبط بحیاتنا ـ جمیعاً ـ ارتباطاً وثیقاً.

فی البدایة یقول: (وما أرسلنا فی قریة من نبىّ إلاّ أخذنا أهلها بالبأساء والضرّاء لعلّهم یضّرّعون ) فالصِعاب والمشاق والبلایا التی تصیب الأفراد إنّما یفعلها الله بهم عسى أن ینتبهوا، ویترکوا طغیانهم، ویرجعوا إلى الله ویتوبوا إلیه. وذلک لأنّ الناس ما داموا فی الرخاء والرفاه فهم فی غفلة وقلما یکون لدیهم استعداد وقابلیة لقبول الحق. أمّا عندما یتورّطون فی المحنة والبلاء، یشرق نور فطرتهم وتوحیدهم ویتذکرون الله قهراً بلا اختیار، وتستعد قلوبهم لقبول الحق.

ولکن هذه الیقظة والنهضة لیست عند الجمیع على حدّ سواء، فهی فی کثیر من الناس سریعة وعابرة وغیر ثابتة، وبمجرّد أن تزول المشکلات یعودون إلى غفلتهم وغفوتهم، ولکن هذه المشکلات تعتبر بالنسبة إلى جماعة آخرین نقطة تحول فی الحیاة، ویعودون إلى الحق إلى الأبد.

والأقوام الذین جرى الحدیث ـ فی الآیات السابقة ـ حولهم کانوا من النمط الأوّل.

ولهذا قال تعالى فی الآیة اللاحقة: عندما لم تغیّر تلک الجماعات سلوکها ومسیرها تحت ضعظ المشکلات والحوادث، بل بقوا فی الضلال، رفعنا عنهم المشکلات وجعلنا مکانها النعم والرخاء فازدهرت حیاتهم وکثر عددهم وزادت أموالهم (ثمّ بدّلنا مکان السّیّئة الحسنة حتى عفوا ).

و«عفوا» من مادة «عفو» التی تکون أحیاناً بمعنى الکثرة، وأحیاناً بمعنى الترک والإعراض، وتارة تکون بمعنى محو آثار الشیء، ولکن لا یبعد أن یکون أصل جمیع تلک الاُمور هو الترک، غایة ما هنالک قد یترک شیء لحاله حتى یتجذر، ویتوالد ویتناسل ویزداد، وربّما یترک حتى یهلک وینهدم تدریجاً وشیئاً فشیئاً. ولهذا جاء بمعنى الزیادة والهلاک معاً.

وقد احتمل المفسّرون فی الآیة المبحوثة ثلاثة احتمالات أیضاً:

الأوّل: أنّنا أعطیناهم إمکانیات حتى یزدادوا فیستعیدوا کل ما فقدوه ـ فی فترة الشدّة والضراء ـ من الأفراد والاموال.

الثانی: أنّنا أعطیناهم نعماً کثیرة جداً بحیث غرتهم، فنسوا الله، وترکوا شکره.

الثّالث: أنّنا أعطیناهم نعماً کی یستطیعوا بها أن یزیلوا أثار فترة النکبة ویمحوها. (1)

إنّ هذه التفاسیر وإن کانت متفاوتة من حیث المفهوم، ولکنّها من حیث النتیجة متقاربة فیما بینها.

ثمّ أضاف: أنّهم عند زوال المشکلات بدل أن یلتفتوا إلى هذه الحقیقة وهی«النعمة» و«النقمة» بیدالله، وأنّهم راجعون إلى الله، یتذرعون ـ لخداع أنفسهم ـ بهذا المنطق، وهو إذا تعرضنا للمصائب والبلایا، فإنّ ذلک لیس بجدید، فقد مس آباءنا الضراء والسراء، وکانت لهم حالات رخاء وحالات بلاء، فالحیاة لها صعود ونزول، والصعاب أمواج غیر ثابتة وسریعة الزوال (وقالوا قد مسّ آباءَنا الضّرّاء والسّرّاء ). فهی إذن قضیة طبیعیة، ومسألة إعتیادیة.

فیقول القرآن الکریم فی الختام: إنّ الأمر عندما بلغ إلى هذا الحد، ولم یستفیدوا من عوامل التربیة ـ أبداً ـ بل ازدادوا غروراً وعنجهیّة وتکبراً أهلکناهم فجأة ومن غیر سابق انذار، لأنّ ذلک أشد إیلاماً ونکالا لهم، وعبرة لغیرهم: (فأخذناهم بغتة وهم لایشعرون ).


1. تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 311، ذیل الآیة مورد البحث.
سورة الأعراف / الآیة 94 ـ 95 سورة الأعراف / الآیة 96 ـ 100
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma