إنّ أوّل ما یطرح نفسه هنا هو: نحن نعلم أنّ الله سبحانه یعلم بکل شیء، فهو الحاضر فی کل زمان ومکان، الناظر لکل شیء من نیّة أو عمل، فما الحاجة إلى مساءلة الرسل والاُمم عامّة وبدون إستثناء؟!
الجواب على هذا السؤال واضح، لأنّ السؤال لو کان للاستعلام والاستفهام، وبهدف الوقوف على الحقیقة لم یصح أن یقع من العالِم العارِف.
وأمّا إذا کان المقصود منه هو إلفات الشخص إلى ما عمله، أو إتمام الحجّة علیه، أو ما أشبه ذلک، لم یکن فی ذلک بأس ولا ضیر، إذ یشبه ذلک تماماً ما لو أسدَینا إلى أحد خدمات کثیرة وقابَلَنا بالإساءة والخیانة، وکان کل ذلک معلوماً معروفاً عندنا، ومع ذلک فإنّنا نسائله ونقول: ألسنا قد أسدینا إلیک کذا وکذا من الخدمة؟ فهل کان هذا جزاء الإحسان إلیک؟؟
إنّ مثل هذه المساءلة لیست لاکتساب العلم، واکتشاف الحقیقة المجهولة، بل هی لتفهیم الطرف الآخر وإیقافه على الحقیقة، أو أنّه لتثمین خدمة قام بها أحد المسؤولین وتشجیعه، فنسأله: ماذا فعلت فی هذه السفرة التی کلّفت فیها بمهمّة؟ مع أنّنا نعرف من قبل بتفاصیل عمله.