إنّ ذکر مسألة الإحسان للوالدین ـ بعد مکافحة الشرک مباشرة، وقبل ذکر تعالیم مهمّة مثل حرمة قتل النفس والأمر بالعدل ـ یدلّ على الأهمیّة القصوى التی یحظى بها حق الوالدین فی التعالیم الإسلامیة.
ویتّضح هذا الأمر أکثر عندما نرى أنّ القرآن الکریم ذکر بدل تحریم أذى الوالدین الذی یلائم سیاق هذه الآیة فی استعراضها للمحرّمات، مسألة الإحسان إلیهما، یعنی أنّه لیس إزعاج الوالدین وإیذاؤهما محرّماً فقط، بل یجب الإحسان إلیهما.
والأجمل من هذا کلّه أنّ کلمة «الإحسان» عُدِّیت بحرف «الباء» فقال: (وبالوالدین إحساناً ) ونحن نعلم أنّ الإحسان قد یعدّى بإلى وقد یُعَدّى بالباء، فإذا عُدِّ بإلى کان معناه: الإحسان إلى الآخر سواء کان بصورة مباشرة، أو مع الواسطة. ولکنّه عندما یُعدّى بالباء یکون معناه: الإحسان بصورة مباشرة ومن دون واسطة.
وعلى هذا الأساس فإنّ هذه الآیة تؤکّد أنّ موضوع الإحسان إلى الوالدین من الأهمّیة البالغة بحیث یجب على الإنسان أن یباشر الاحسان بنفسه إلى الوالدین (1).