التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 137 سورة الأنعام / الآیة 138 ـ 139

یشیر القرآن فی هذه الآیة إلى عمل قبیح آخر من أعمال عبدة الأصنام القبیحة وجرائمهم الشائنة، ویذکر أنّه کما ظهر لهم أنّ تقسیمهم الحصص بین الله والأصنام عمل حسن بحیث إنّه اعتبروا هذا العمل القبیح والخرافی، بل والمضحک، عملا محموداً، کذلک زیّن الشرکاء قتل الأبناء فی أعین الکثیرین من المشرکین بحیث إنّهم راحوا یعدّون قتل الأولاد نوعاً من «الفخر» و«العبادة»: (وکذلک زیّن لکثیر من المشرکین قتل أولادهم شرکاؤهم ).

«الشّرکاء» هنا هم الأصنام، فقد کانوا أحیاناً یقدمون أبناءهم قرابین لها، أو کانوا ینذرون أنّهم إذا وهبوا ابناً یذبحونه قرباناً لأصنامهم، کما جاء فی تاریخ عبدة الأصنام القدامى وعلیه فانّ نسبة «التزیین» للأصنام تعود إلى أنّ شدّة تعلّقهم بأصنامهم وحبّهم لها کان یحدو بهم إلى إرتکاب هذه الجریمة النکراء، واستناداً إلى هذا التّفسیر، فإنّ قتل الأولاد هذا لا علاقة له بوأد البنات أو قتل الأولاد خشیة الإملاق.

یحتمل أیضاً أن یکون المقصود بتزیین الأصنام هذه الجریمة، هو أنّ القائمین على أمر الأصنام والمعابد هم الذین کانوا یحرضونهم على هذا العمل ویزینونه لهم، باعتبارهم الألسنة الداعیة باسم الأصنام، فقد جاء فی التّاریخ أنّ العرب کانوا إذا عزموا على السفر أو الأعمال المهمّة، طلبوا الإذن من «هبل» کبیر أصنامهم، وذلک بأن یضربوا بالقداح، أی بأسهم المیسر، فقد کان هناک کیس معلّق بجانب هبل فیه سهام کتب على مقابضها «افعل» أو «لا تفعل»، فکانوا یخلطون السهام ثمّ یسحبون واحداً منها، فما کتب علیه، یکون هو

الأمر الصادر من هبل، وبهذه الطریقة کانوا یتصورون أنّهم یکتشفون آراء أصنامهم، فلا یستبعد أنّهم فی مسألة قتل أولادهم قرابین للأصنام کانوا یلجأون إلى أولیاء المعابد لیأتوهم بما تأمر به الأصنام.

هنالک أیضاً الاحتمال القائل بأنّ وأد البنات ـ الذی کان سائداً، کما یقول التّاریخ بین قبائل بنی تمیم لرفع العار ـ کان أمراً صادراً عن الأصنام، فقد جاء فی التّاریخ أنّ «النعمان بن المنذر» هاجم بعض العرب وأسر نساءهم وفیهن ابنة «قیس بن عاصم» ثمّ أقرّ الصلح بینهم وعادت کل امرأة إلى عشیرتها، عدا ابنة قیس التی فضّلت البقاء عند العدو لعلّها تتزوج أحد شبّانهم، فکان وقع هذا شدیداً على قیس، فاقسم بالأصنام انّه إذا رزق بابنة اُخرى فانّه سوف یئدها حیّة، ثمّ لم یمض زمن طویل حتى أصبح هذا العمل الشائن سنّة بینهم، وباسم الدفاع عن العرض راحوا یرتکبون أفظع جریمة بقتلهم أولادهم الأبریاء (1).

وعلیه، فإنّ وأد البنات یمکن أن یکون مشمولا بمفهوم هذه الآیة.

هنالک أیضاً احتمال آخر فی تفسیر هذه الآیة وان لم یتطرّق إلیه المفسّرون، وهو أنّ عرب الجاهلیة کانوا على درجة من التقدیر والإحترام لأصنامهم بحیث إنّهم کانوا یصرفون أموالهم الثمینة على تلک الأصنام وعلى خدّامها المتنفذین الأثریاء، ویبقون هم فی فقر مدقع إلى الحدّ الذی کان یحملهم هذا الفقر والجوع على قتل بناتهم.

فهذا التعلّق الشدید بالأصنام کان یزین لهم عملهم الشنیع ذاک.

ولکن التّفسیر الأوّل، أی التضحیة بأولادهم قرباناً للأصنام، أقرب إلى نص الآیة.

ثمّ یوضّح القرآن أنّ نتیجة تلک الأفعال القبیحة هی أنّ الأصنام وخدّامها ألقوا بالمشرکین فی مهاوی الهلاک، وشککوهم فی دین الله، وحرموهم من الوصول إلى الدین الحق: (لیردوهم ولیلبسوا علیهم دینهم ).

ومع ذلک کلّه، فإنّ الله قادر على أن یوقفهم عند حدّهم بالإکراه، ولکن الإکراه خلاف سنّة الله، إنّ الله یرید أن یکون عباده أحراراً لکی یمهّد أمامهم طریق التربیة والتکامل، ولیس فی الإکراه تربیة ولا تکامل: (ولو شاء الله ما فعلوه ).

ومادام هؤلاء منغمسین فی أباطیلهم وخرافاتهم دون أن یدرکوا شناعتها، بل الأدهى من ذلک أنّهم ینسبونها أحیاناً إلى الله، إذن فاترکهم وإتهاماتهم والتفت إلى تربیة القلوب المستعدة: (فذرهم وما یفترون ).


1. یتصور بعض أنّ کلمة «أولاد» فی الآیة لا تنسجم مع هذا التّفسیر، غیر أنّ لهذه الکلمة معنى واسعاً یشمل الأبناء والبنات، وکما جاء فی الآیة 233 من سورة البقرة: (والوالدات یرضعن أولادهنّ حولین کاملین ); تفسیر مجمع البیان، ج 4، ص 171 ذیل الآیة مورد البحث.
سورة الأنعام / الآیة 137 سورة الأنعام / الآیة 138 ـ 139
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma