الأموات المتحرکون:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 35 ـ 36 سورة الأنعام / الآیة 37

هاتان الآیتان استمرار لمواساة النّبی (صلى الله علیه وآله) التی بدأت فی الآیات السابقة لقد کان رسول الله (صلى الله علیه وآله) یشعر بالحزن العمیق لضلال المشرکین وعنادهم، وکان یود لو أنّه استطاع أن یهدیهم جمیعاً إلى طریق الإیمان بأیّة وسیلة کانت.

فیقول الله تعالى: (وإن کان کبُر علیک اعراضهم فإن استطعت أن تبتغی نفقاً فی الأرض أو سلّماً فی السماء فتأتیهم بآیة )(1). أی إذا کان إعراض هؤلاء المشرکین یصعب ویثقل علیک، فشق أعماق الأرض أو ضع سلّماً یوصلک إلى السماء للبحث عن آیة ـ إن استطعت ـ ولکن اعلم أنّهم مع ذلک لن یؤمنوا بک.

«النفق» فی الأصل «النقب» وهو الطریق النافذ، والسرب فی الأرض النافذ فیها، ومنه النفاق، وهو الدخول فی الشرع من باب والخروج عنه من باب، أی أنّ للمنافق سلوکاً ظاهراً وآخر خفیّاً.

فی هذه الآیة یخبر الله نبیّه بأن لیس فی تعلیماتک ودعوتک وسعیک أی نقص، بل النقص فیهم لأنّهم هم الذین رفضوا قبول الحقّ، لذلک فانّ أىّ مسعى من جانبک لن یکون له أثر فلا تقلق.

ولکن لکیلا یظن أحد أنّ الله غیر قادر على حملهم على التسلیم یقول: (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ) أی لو أراد حملهم على الإستسلام والرضوخ لدعوتک والإیمان بالله لکان على ذلک قدیراً.

غیر أنّ الإیمان الإجباری لا طائل تحته، إنّ خلق البشر للتکامل مبنی على أساس حریة الاختیار والإرادة، ففی حالة حریة الاختیار وحدها یمکن تمییز «المؤمن» من «الکافر»، و«الصالح» من «غیر الصالح» و«المخلص» من «الخائن» و«الصادق» من «الکاذب»، أمّا فی الإیمان الإجباری فلن یکن ثمّة اختلاف بین الطیب والخبیث، وعلى صعید الإجبار تفقد کلّ هذه المفاهیم معانیها تماماً.

ثمّ یقول سبحانه لنبیّه: (فلا تکوننّ من الجاهلین )، أی لقد قلت هذا لئلا تکون من الجاهلین، أی لا تفقد صبرک ولا تجزع، ولا یأخذک القلق بسبب کفرهم وشرکهم.

وما من شک أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) کان یعلم هذه الحقائق ولکن الله ذکرها له من باب التطمین وتهدئة الروع، تماماً کالذی نقوله نحن لمن فقد إبنه: لا تحزن فالدنیا فانیة، سنموت جمیعاً، وأنت ما تزال شاباً ولسوف ترزق بابن آخر، فلا تجزع کثیراً.

فلا ریب أنّ فناء دار الدنیا، أو کون الفقید شاباً لیسا مجهولین عنده، ولکنّها اُمور تقال للتذکیر.

على الرّغم من أنّ هذه الآیة من الآیات التی تنفی الإجبار والإکراه، فإنّ بعض المفسّرین کالرّازی، یعتبرها من الأدلة على «الجبر» ویستند إلى (ولو شاء... ) ویقول: یتّضح من هذه الآیة أنّ الله لا یرید للکفار أن یؤمنوا! ولکنّه غفل عن أنّ الإرادة والمشیئة فی هذه الآیة هما الإجباریتان، أی أنّ الله لا یرید الناس أن یؤمنوا بالإجبار والإکراه، بل یریدهم أن یؤمنوا باختیارهم وإرادتهم، وعلیه فإنّ هذه الآیة دلیل قاطع یدحض مقولة «الجبریین».

فی الآیة التی تلیها استکمال لما سبق ومزید من المواساة للرسول الکریم (صلى الله علیه وآله)، فتقول الآیة (إنّما یستجیب الذین یسمعون ).

أمّا الذین هم فی الواقع أشبه بالأموات فإنّهم لا یؤمنون حتى یبعثهم الله یوم القیامة: (والموتى یبعثهم الله ثمّ إلیه یرجعون )(2).

یومئذ، وبعد أن یروا مشاهد یوم القیامة یؤمنون، إلاّ أنّ إیمانهم ذاک لا ینفعهم شیئاً، لأنّ رؤیة مناظر یوم القیامة العظیمة تحمل کل مشاهد على الإیمان فیکون نوعاً من الإیمان الإضطراری.

ومن نافلة القول أنّ «الموتى» فی هذه الآیة لا تشیر إلى الموت الجسمانی فی الأفراد، بل الموت المعنوی، فالحیاة والموت نوعان: حیاة وموت عضویان، وحیاة وموت معنویان، کذلک أیضاً السمع والبصر، عضویان ومعنویان فکثیر ما نصف المبصرین السامعین الأحیاء الذین لا یدرکون الحقائق بأنّهم عمی أو صم أو حتى أموات، إذ أنّ ردّ الفعل الذی یصدر عادة من الإنسان الحی البصیر السامع إزاء الحقائق لا یصدر من هؤلاء.

أمثال هذه التعبیرات کثیرة فی القرآن، ولها عذوبة، وجاذبیة خاصّة، بل إنّ القرآن لا یعیر أهمّیة کبیرة للحیاة المادیة البایلوجیة التی تتمثل فی «الأکل والنوم والتنفس» وإنّما یعنی أشدّ العنایة بالحیاة الإنسانیة المعنویة التی تتمثل فی تحمّل التکالیف والمسؤولیة والإحساس والیقظة والوعی.

لابدّ من القول أیضاً: إنّ المعنوی من العمى والصمم والموت ینشأ من ذات الأفراد، لأنّهم لإستمرارهم فی الإثم وإصرارهم علیه وعنادهم، یصلون إلى تلک الحالة.

إنّ من یغمض عینیه طویلا یصل إلى حالة یفقد فیها تدریجیاً قوّة البصر، وقد یبلغ به الأمر إلى العمى التام، کذلک الذی یغمض عین روحه عن رؤیة الحقائق طویلا یفقد بصیرته المعنویة شیئاً فشیئاً.


1. جملة ( إن استطعت... ) جملة شرطیة جوابها محذوف، تقدیره: (إن استطعت... فافعل ولکنّهم لا یؤمنون).
2. من حیث الاعراب ( الموتى) مبتدأ، و ( یبعثهم الله) خبر، ومعنى ذلک هو أنّ هؤلاء لا یطرأ على حالهم أىّ تغییر حتى یبعثهم الله یوم القیامة فیرون الحقائق.
سورة الأنعام / الآیة 35 ـ 36 سورة الأنعام / الآیة 37
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma