ثلاثة إمتیازات مهمّة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 88 ـ 90 سورة الأنعام / الآیة 91

بعد ذکر مجموعات الأنبیاء فی الآیات السابقة، تتناول هذه الآیات الخطوط العامّة لحیاتهم، وتبدأ القول: (ذلک هدى الله یهدی به من یشاء من عباده ).

أی أنّ هؤلاء على الرغم من صلاحهم وإسترشادهم بقوّة العقل والفکر فی سیرهم الحثیث على طریق الهدایة، شملتهم عنایة الهدایة الإلهیّة، وأخذت بأیدیهم وإلاّ فاحتمال انحرافهم وانحراف کلّ انسان موجود دائماً.

ولکیلا یحسب البعض أنّ هؤلاء قد أجبروا على السیر فی هذا الطریق، أو یظن أنّ الله ینظر إلى هؤلاء نظرة خاصّة وإستثنائیة دونما سبب، یقول القرآن عنهم: (ولو أشرکوا لحبط عنهم ما کانوا یعملون ).

فهم إذن مشمولون بهذا القانون الإلهی الذی یسری على غیرهم بغیر محاباة.

الآیة التّالیة تشیر إلى ثلاثة إمتیازات مهمّة هی أساس جمیع إمتیازات الأنبیاء، وهی قوله: (اُولئک الذین آتیناهم الکتاب والحکم والنّبوّة ).

ولا یعنی هذا أنّهم جمیعاً کانوا من أصحاب الکتب السماویة، ولکن الکلام یدور على المجموع، فنسب الکتاب إلى المجموع أیضاً، وهذا کقولنا: الکتاب الفلانی ذکر العلماء وکتبهم، أی کتب من له تألیف منهم.

أمّا المقصود من «الحکم» فثمّة إحتمالات ثلاثة:

الحکم بمعنى «العقل والإدراک»، أی: إنّنا فضلا عن إنزال کتاب سماوی علیهم فقد وهبناهم القدرة على التعقّل والفهم، إذ إنّ وجود الکتاب بغیر وجود القدرة على فهمه فهماً کاملا عمیقاً لا جدوى فیه.

بمعنى «القضاء» أی أنّهم بإستنباط القوانین الإلهیّة من تلک الکتب السماویة کانوا قادرین على أن یقضوا بین الناس بإمتلاکهم لجمیع شروط القاضی العادل.

بمعنى «الحکومة» والإمساک بزمام الإدارة، بالإضافة إلى مقام النّبوة. إنّ الدلیل على المعانی المذکورة ـ بالإضافة إلى المعنى اللغوی الذی ینطبق علیها ـ هو أنّ کلمة «الحکم» قد وردت بهذه المعانی نفسها أیضاً فی آیات اُخرى من القرآن (1).

ولیس ثمّة ما یمنع من أن یشمل استعمال الکلمة فی هذه الآیة المعانی الثلاثة مجتمعة، فالحکم أصلا ـ کما یقول «الراغب» فی «مفرداته» - هو المنع، ومن ذلک العقل الذی یمنع من وقوع الأخطاء والمخالفات، وکذلک القضاء الصحیح یمنع من وقوع الظلم، والحکومة العادلة تقف بوجه الحکومات غیر العادلة، فهی قد استعملت فی المعانی الثلاثة.

قلنا من قبل إنّ جمیع الأنبیاء لم یکونوا یحظون بهذه الإمتیازات کلها، وإسناد حکم إلى الجمع لا یعنی شموله جمیع أفراد ذلک الجمع، بل قد یکون لبعض أفراده، ومن ذلک مسألة إیتاء الکتاب لهؤلاء الأنبیاء.

ثمّ یقول: لئن رفضت هذه الجماعة (أی المشرکون وأهل مکّة) تلک الحقائق، فإنّ دعوتک لن تبقى بغیر إستجابة، إذ إنّنا قد أمرنا جمعاً آخر، لا بقبولها فحسب، بل وبالحفاظ علیها فهم لا یسلکون طریق الکفر أبداً، بل یتبعون الحقّ: (فإن یکفر بها هؤلاء فقد وکّلنا بها قوماً لیسوا بها بکافرین ).

جاء فی تفسیر «المنار» وتفسیر «روح المعانی» عن بعض المفسّرین أنّ المقصود بالقوم هم الفرس (2)، وقد أسرعوا فی قبول الإسلام وجاهدوا فی سبیل نشره، وظهر فیهم العلماء فی شتى العلوم والفنون الإسلامیة وألّفوا الکثیر من الکتب (3).

الآیة الأخیرة تجعل من منهاج هؤلاء الأنبیاء العظام قدوة رفیعة للهدایة تعرض على رسول الاسلام (صلى الله علیه وآله) فتقول له: (اُولئک الذین هدى الله فبهداهم اقتده ) (4).

تؤکّد هذه الآیة مرّة اُخرى على أنّ اُصول الدعوة التی قام بها الأنبیاء واحدة، بالرغم من وجود بعض الاختلافات الخاصّة والخصائص اللازمة التی تقتضیها الحاجة فی کل زمان ومکان، وکل دین تال یکون أکمل من الدین السابق. بحیث تستمر مسیرة الدروس العلمیة والتربویة حتى تصل إلى المرحلة النهایة، أی الإسلام.

ولکن ما المقصود من أمر النّبی (صلى الله علیه وآله) أن یهتدی باُولئک الأنبیاء؟

یقول بعض المفسّرین: إنّ المقصود قد یکون هو الصبر وقوّة التحمّل والثبات فی مواجهة المشاکل، ویقول بعض آخر إنّه «التوحید وإبلاغ الرسالة» ولکن یبدو أنّ للهدایة معنى واسعاً یشمل التوحید وسائر الاُصول العقائدیة، کما یشمل الصبر والثبات وسائر الاُصول الأخلاقیة والتربویة.

یتّضح ممّا سبق أنّ هذه الآیة لا تتعارض مع القول بأنّ الإسلام ناسخ الأدیان والشرائع السابقة، إذ أنّ النسخ إنّما یشمل جانباً من أحکام تلک الشرائع لا الاُصول العامّة للدعوة.

ثمّ یؤمر النّبی (صلى الله علیه وآله) أن یقول للنّاس إنّه مثل سائر الأنبیاء لا یتقاضى أجراً لقاء عملیة تبلیغ الرسالة: (قل لا أسألکم علیه أجراً ).

لیس الإقتداء بالأنبیاء وبسنّتهم الخالدة هو وحده الذی یوجب علیّ عدم طلب الأجر، بل إنّ هذا الدین الطاهر الذی جئتکم به ودیعة إلهیّة أضعها بین أیدیکم، وطلب الأجر على ذلک لا معنى له.

ثمّ إنّ هذا القرآن وهذه الرسالة والهدایة إن هی إلاّ إیقاظ وتوعیة للناس جمیعاً: (إن هو إلاّ ذکرى للعالمین ).

إنّ النعم العامّة الشاملة مثل نور الشمس والهواء والأمطار هی اُمور عامّة وعالمیة، لا تباع ولا تشترى، ولا أجر یعطى لقاءها، هذه الهدایة أو الرسالة لیست خاصّة ومقصورة على بعض دون بعض حتى یمکن طلب الأجر علیها، (و ممّا قیل فی تفسیر هذه العبارة یتّضح الترابط بینها وبین عبارات الآیة الاُخرى، وبین ما سبقها من آیات).

کما یتّضح من هذه الآیة الأخیرة أنّ الدین الإسلامی لیس قومیاً ولا إقلیمیاً، وإنّما هو دین عالمی عام.


1. جاءت فی الآیة 12 من سورة لقمان بمعنى العلم والفهم، وفی الآیة 22 من سورة ص بمعنى القضاء، وفی الآیة 26 من سورة الکهف بمعنى الحکومة.
2. تفسیر المنار، وتفسیر روح المعانی، ذیل الآیة مورد البحث.
3. یحتمل أیضاً أن یکون المراد من «هؤلاء» هم الأنبیاء أنفسهم، أی إذا افترضنا المستحیل، وقلنا أنّ هؤلاء الأنبیاء العظام تخلّوا عن أداء الرسالة الإلهیّة، فإنّ الرسالة کانت تواصل سیرها على أیدی قوم آخرین، هنالک تعبیرات مماثلة فی القرآن، کما جاء فی الآیة 65 من سورة الزمر ( لئن أشرکت لیحبطنّ عملک).
4. الهاء فی «اقتده» لیست ضمیراً، بل هی هاء السکت التی تلحق الکلمة المتحرکة عند الوقف، مثل همزة الوصل التی یؤتى بها إذا کان حرف الابتداء فی الکلمة ساکناً، وهی تسقط عند الوصل، مثل هاء السکت غیر أنّ هذه الهاء بقیت فی الکتابة القرآنیة من باب الإحتیاط وارتوى الوقف هنا لکی تظهر هاء السکت.
سورة الأنعام / الآیة 88 ـ 90 سورة الأنعام / الآیة 91
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma