السؤال الثّالث الذی یطرح نفسه هنا، هو: لماذا قال موسى (علیه السلام) لأخیه: اصلح ولا تتبع سبیل المفسدین، مع أن هارون نبی معصوم من المستحیل أن یتبع طریق المفسدین وینهج نهجهم الفاسد؟
نقول فی الجواب: إنّ هذا ـ فی الحقیقة ـ نوع من التوکید لإلفات نظر أخیه إلى أهمّیة مکانته فی بنی إسرائیل. ولعله أراد بهذا الموضوع أن یوضح لبنی إسرائیل ویفهمهم أنّ علیهم أن یمتثلوا لتعالیم هارون ونصائحه ومواعظه الحکیمة، ولا یستثقلوا أوامره ونواهیه، ولا یعتبروا تلک الأوامر والنواهی وکذلک قیادة هارون لهم دلیلا على قِصَرِهم وصغرهم... بل یفعلون کما یفعل هارون حیث کان رغم منزلته البارزة ومقام نبوّته تابعاً ومطیعاً لنصائح موسى (علیه السلام).