إنّ ما نقرؤه فی الآیة (وأمر قومک یأخذوا بأحسنها ) لا یعنی أنّه کانت فی ألواح موسى تعالیم «حسنة» واُخرى «سیئة» وأنّهم کانوا مکلَّفین بأن یأخذوا بالحسنة ویترکوا السیئة، أو کان فیها الحسن والأحسن، وکانوا مکلّفین بالأخذ بالأحسن فقط، بل ربّما تأتی کلمة «أفعل التفضیل» بمعنى الصفة المشبهة، والآیة المبحوثة من هذا القبیل ظاهراً، یعنی أن «الأحسنْ» هنا بمعنى «الحسن» وهذا إشارة إلى أن جمیع تلک التعالیم کانت حسنة وجیدة.
ثمّ إنّ هناک احتمالا آخر فی الآیة الحاضرة ـ أیضاً ـ وهو أن الأحسن بمعنى أفعل التفضیل، وهو إشارة إلى أنّه کان بین تلک التعالیم أُمور مباحة (مثل القصاص) وأمور أُخرى وصفت بأنّها أحسن منها (مثل العفو) یعنی: قل لقومک ومن اتبعک لیختاروا ما هو أحسن ما استطاعوا، وللمثال یرجحوا العفو على القصاص (إلاّ فی موارد خاصّة). (1)