مصیر الذین لا یعتبرون:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 42 ـ 45 بحوث

تواصل هذه الآیات توجیه الکلام للضّالین والمشرکین، ویتخذ القرآن فیها طریقاً آخر لإیقاظهم وذلک بأن ینقلهم إلى القرون السالفة والأزمان الماضیة، یشرح لهم حال الاُمم الضّالة والظالمة والمشرکة، ویبیّن لهم کیف اُتیح لها جمیع عوامل التربیة والتهذیب والوعی، غیر أنّ جمعاً منهم لم یلقوا بالا إلى أىّ من تلک العوامل، ولم یعتبروا بما حاق بهم من (بأساء) و(ضراء)(1) (ولقد أرسلنا إلى اُمم من قبلک فأخذناهم بالبأساء والضّرّاء لعلّهم یتضرّعون ).

أما کان من الأجدر بهؤلاء أن یستیقظوا عندما جاءهم البأس وأحاطت بهم الشدائد؟! (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا ) ولکنّهم لم یستیقظوا، ولذلک سببان:

 

الأوّل: إنّهم لکثرة آثامهم وعنادهم فی الشرک زایلت الرحمة قلوبهم واللیونة أرواحهم: (ولکن قست قلوبهم ).

والثّانی: إنّ الشیطان قد استغل عبادتهم أهواءهم فزیّن فی نظرهم أعمالهم، فکل قبیح إرتکبوه أظهره لهم جمیلا، ولکل خطأ فعلوه جعله فی عیونهم صواباً: (وزیّن لهم الشّیطان ما کانوا یعملون ).

ثمّ تذکر الآیة التّالیة أنّه لمّا لم تنفع معهم تلک المصائب والمشاکل والضغوط عاملهم الله تعالى بالعطف والرحمة، ففتح علیهم أبواب أنواع النعم، لعلهم یستیقظون ویلتفتون إلى خالقهم الذی وهب لهم کل تلک النعم، ویشخّصوا الطریق السوی: (فلمّا نسوا ما ذکّروا به فتحنا علیهم أبواب کلّ شیء ).

إلاّ أنّ هذه النعم کانت فی الواقع ذات طابع مزدوج، فهی مظهر من مظاهر المحبّة التی تستهدف إیقاظ النائمین، وهی کذلک مقدمة لنزول العذاب الألیم إذا استمرّت الغفلة، والذی ینغمس فی النعمة والرفاهیة، یشتد علیه الأمر حین تؤخذ منه هذه النعم فجأة، بینما لو أخذت منه بالتدریج، فلا یکون وقع ذلک علیه شدیداً، ولهذا یقول إنّنا أعطیناهم الکثیر من النعم: (حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون )(2).

وهکذا استؤصلت جذور اُولئک الظلمة وانقطع نسلهم: (فقطع دابر القوم الذین ظلموا ).

و«الدابر» بمعنى المتأخر والتابع.

ولمّا کان الله قد وفّر لهؤلاء کلّ وسائل التربیة ولم یبخل علیهم بأىّ شیء منها، لذلک فإنّ الحمد یختص بالله الذی یربّی أهل الدنیا کافة: (والحمد لله ربّ العالمین ).


1. «البأساء» الشدّة والمکروه، وتطلق على الحرب أیضاً، وکذلک القحط والجفاف والفقر، أمّا «الضراء» فأکثر ما تعنی العذاب الروحی، کالهم والغم والإکتئاب والجهل، أو الآلام الناشئة عن الأمراض أو عن فقدان مال أو مقام.
ولعلّ الاختلاف بین معنیی اللفظتین ناشىء عن أنّ «الباساء» تشیر إلى المکروه الخارجی و «الضراء» تشیر إلى المکروه الداخلی، النفسی أو الروحی، وعلى هذا تکون «الباساء» من عوامل إیجاد «الضراء»، فتأمل بدقّة!
2. «الإبلاس» الحزن المعترض من شدّة التألم بسبب کثرة المنغّصات المؤلمة، ومنها اشتقت کلمة «إبلیس»، وهی هنا تدل على شدّة الغم والهم اللذین یصیبان المذنبین یومئذ.
سورة الأنعام / الآیة 42 ـ 45 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma