أجمع آیة أخلاقیة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
وساوس الشّیطان: سورة الأعراف / الآیة 204 ـ 206

روی عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «لا آیة فی القرآن أجمع فی «المسائل» الأخلاقیة من هذه الآیة» (1) «أی الآیة الاُولى من الآیات محل البحث».

قال بعض الحکماء فی تفسیر هذا الحدیث: إنّ اُصول الفضائل الأخلاقیة وفقاً لاُصول القوى الإنسانیة «العقل» و«الغضب» و«الشّهوة» تتلخص فی ثلاثة أقسام:

الفضائل العقلیة: وتدعى بالحکمة، وتتلخص بقوله تعالى: (وأمر بالعرف).

والفضائل النّفسیة فی مواجهة الطغیان والشهوة، وتدعى بالعفّة، وتتلخص بـ «خذ العفو».

والتسلط على القوة الغضبیة، وتدعى بالشجاعة، وتتلخص فی قوله تعالى (وأعرض عن الجاهلین).

وسواءً کان الحدیث الشریف یدلّ على ما فسّره المفسّرون وأشرنا إلیه آنفاً، أو کما عبّرنا عنه بشروط القائد أو المبلّغ، فهو یبیّن هذه الحقیقة: وهی أنّ هذه الآیة القصیرة الوجیزة تتضمّن منهجاً جامعاً واسعاً کلیّاً فی المجالات الأخلاقیة والاجتماعیة، بحیث یمکننا أن نجد فیها جمیع المناهج الإیجابیة البناءة والفضائل الإنسانیة، وکما یقول بعض المفسّرین: إنّ إعجاز القرآن بالنسبة إلى الإیجاز فی المبنى، والسعة فی المعنى، یتجلى فی الآیة محل البحث تماماً.

وینبغی الإلتفات إلى أنّ الآیة وإن کانت تخاطب النّبی نفسه إلاّ أنّها تشمل جمیع الاُمّة والمبلّغین والقادة.

کما ینبغی الإلتفات إلى أنّ الآیات محل البحث لیس فیها ما یخالف مقام العصمة أیضاً، لأنّ الأنبیاء والمعصومین ینبغی أن یستعیذوا بالله من وساوس الشیطان، کما أنّ أیّ أحد لا یستغنی عن لطف الله ورعایته والإستعاذة به من وساوس الشیاطین، حتى المعصومین (علیهم السلام).

وجاء فی بعض الرّوایات أنّه لما نزلت الآیة (خذ العفو...) سأل رسول الله (صلى الله علیه وآله)جبرئیل عن ذلک فقال جبرئیل: لا أدری، حتى أسأل العالم ثم أتاه فقال: «یا محمّد، إنّ الله یأمرک أن تعفو عمن ظلمک، وتعطی من حرمک، وتصل من قطعک (2)».

وجاء فی حدیث آخر أنّه لما نزلت آیة (خذ العفو وامر بالعرف وأعرض عن الجاهلین) قال النّبی: کیف یا ربّ والغضب؟ فنزل قوله (وإمّا ینزغنّک من الشیطان نزغ فاستعذ بالله إنّه سمیع علیم) (3).

وینبغی الإشارة إلى أنّ الآیة الثّانیة هنا جاءت فی سورة فصلت الآیة 36 بتفاوت یسیر بین الآیتین، إذ ورد التعبیر مکان قوله تعالى:(إنّه سمیع علیم)(إنّه هو السّمیع العلیم).

وفی الآیة التّالیة بیان للإنتصار على وساوس الشیطان بهذا النحو (إنّ الذین اتّقوا إذا مسّهم طائف من الشیطان تذکّروا فإذا هم مبصرون). أی یتذکرون ما أنعم الله علیهم، ویفکرون فی سوء عاقبة الذنب وعذاب الاخرة فیتّضح لهم بذلک طریق الحق.

والطّائف: هو الذی یطوف ویدور حول الشیء، فکأنّ وساوس الشیطان تدور حول فکر الإنسان وروحه کالطائف حول الشیء لیجد منفذاً إلیه، فإذا تذکر الإنسان فی مثل هذه الحالة ربّه، واستعاذ من وساوس الشیطان وعاقبة أمره، أبعدها عنه، وإلاّ أذعن لها وانقاد وراء الشیطان.

وأساساً فإنّ کل إنسان فی أیة مرحلة من الإیمان، أو أی عمر کان، یُبتلى بوساوس الشیاطین. وربّما أحس أحیاناً أنّ فی داخله قوّة مهیمنة تدفعه نحو الذنب وتدعوه إلیه، ولا شک أنّ مثل هذه الحالة من الوساوس فی مرحلة الشباب أکثر منها فی أیة مرحلة اُخرى، ولا سیما إذا کانت البیئة أو المحیط کما هو فی العصر الحاضر من التحلّل والحریّة، لا الحریة بمعناها الحقیقی، بل بما یذهب إلیه الحمقى «من الإنسلاخ من کل قید والتزام أخلاقی أو اجتماعی أو دینی» فتزداد الوساوس الشیطانیة عندالشباب.

وطریق النجاة الوحید من هذا التلوّث والتحلل فی مثل هذه الظروف، هو تقویة رصید التقوى أولا، کما أشارت إلیه الآیة (إن الذین اتقوا...) ثمّ المراقبة والتوجه نحو النفس، والإلتجاء إلى الله وتذکر ألطافه ونعمه وعقابه الصارم للمذنب..

وهناک إشارات کثیرة فی الرّوایات الإسلامیّة إلى أثر ذکر الله العمیق فی معالجة الوساوس الشیطانیة. حتى أنّ الکثیر من المؤمنین والعلماء وذوی المنزلة کانوا یحسون بالخطر عند مواجهة وساوس الشیطان، وکانوا یحاربونها «بالمراقبة» المذکورة فی کتب علم الأخلاق بالتفصیل.

والوساوس الشیطانیة مثلها مثل الجراثیم الضارة التی تبحث عن البنیة الضعیفة لتنفذ فیها. إلاّ أنّ الأجسام القویة تطرد هذه الجراثیم فلا تؤثر فیها.

وجملة (إذا هم مبصرون) إشارة إلى حقیقةِ أنّ الوساوس الشیطانیة تلقی حجاباً على البصیرة «الباطنیة» للإنسان، حتى أنّه لا یعرف العدوّ من الصدیق، ولا الخیر من الشر، إلاّ أن ذکر الله یکشف الحجب ویزید الإنسان بصیرة وهدى، ویمنحه القدرة على معرفة الحقائق والواقعیات، المعرفة التی تخلّصه من مخالب الوساوس الشیطانیة.

وملخص القول: أنّنا لاحظنا فی الآیة السابقة کیف ینجو المتقون من نزغ الشیطان ووسوسته بذکر الله، إلاّ أنّ الآثمین إخوة الشیاطین یبتلون بمزید الوساوس فلا ینسلخون عنها، کما تعبّر الآیة التالیة عن ذلک قائلة: (وإخوانهم یمدّونهم فی الغىّ ثمّ لا یقصرون).

«الإخوان» کنایة عن الشیاطین، والضمیر «هم» یعود على المشرکین والآثمین، کما نقرأ هذا المصطلح فی الآیة 27 من سورة الإسراء (إنّ المبذّرین کانوا إخوان الشیاطین).

و «یمدونهم» فعل مأخوذ من الإمداد ومعناه الإعانة والإدامة، أی إنّهم یسوقونهم فی هذا الطریق دائماً.

وجملة (ثمّ لا یقصرون) تعنی أنّ الشیاطین لا یألون جهداً فی إضلال المشرکین والآثمین.

ثمّ تذکر الآیة التّالیة حال جماعة من المشرکین والمذنبین البعیدین عن المنطق، فتقول: إنّهم یکذبونک ـ یا رسول الله ـ عندما تتلو علیهم آیات القرآن، ولکن عندما لا تأتیهم بآیة، أو یتأخر الوحی یتساءلون عن سبب ذلک: (وإذا لم تأتهم بآیة قالوا لولا اجتبیتها) (4)ولکن قل لهم اننی لا اعمل ولا أقول إلاّ بما یوحى الله الیّ (قل إنّما أتّبع ما یوحى إلیّ من ربّی هذا بصائر من ربّکم وهدًى ورحمة لقوم یؤمنون).

ویتّضح من هذه الآیة ـ ضمناً ـ أنّ جمیع أقوال النّبی وأفعاله مصدرها وحی السماء، ومن قال بغیر ذلک فهو بعید عن القرآن.


1. بحارالانوار، ج 68، ص 426.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وبحارالانوار، ج 72، ص 243.
3. روى ذلک صاحب المنار ج 9، ص 538. قائلا: رُوی عن جدنا الإمام الصادق (علیه السلام).
4. «الإجتباء» مأخوذ من «الجبایة»، وأصلها جمع الماء فی الحوض ونحوه، ولذلک یسمّی حوض الماء بـ «الجابیة، وجمع الخراج یسمّى جبایة أیضاً. ثمّ توسعوا فی الاستعمال فأطلقوا على جمع الأشیاء وانتخابها واختیار ما یراد منها اجتباءً. فجملة «لولا اجتبیتها» تعنی لولا اخترتها.
وساوس الشّیطان: سورة الأعراف / الآیة 204 ـ 206
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma