قصة قوم صالح وما فیها من عبر:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأعراف / الآیة 73 ـ 79 بأیّ شیء اُهلِکَ قوم ثمود:

فی هذه الآیات جاءت الإشارة إلى قیام «صالح» النّبی الإلهی العظیم فی قومه «ثمود» الذین کانوا یسکنون فی منطقة جبلیة بین الحجاز والشام، وبهذا یواصل القرآن أبحاثه السابقة الغنیة بالعبر حول قوم نوح وهود.

وقد اُشیر إلى هذا القصة أیضاً فی سورة: «هود» و«الشعراء» و«القمر» و«الشمس» وجاءت بصورة أکثر تفصیلا فی سورة «هود» أمّا هذه الآیات فقد اُوردت ما دار بین صالح (علیه السلام) وقومه قوم ثمود، وعن مصیرهم، وعاقبة أمرهم بصورة مختصرة.

فیقول تعالى فی البدایة: (وإلى ثمود أخاهم صالحاً ).

وقد مر بیان العلة فی إطلاق لفظة «الأخ» على الأنبیاء عند تفسیر الآیة 65 من نفس هذه السورة فی قصة هود.

ولقد کانت أوّل خطوة خطاها نبیّهم صالح فی سبیل هدایتهم، هی الدعوة إلى التوحید، وعبادة الله الواحد (قال یا قوم اعبدوا الله ما لکم من إله غیره ).

ثمّ أضاف: إنّه لا یقول شیئاً من دون حجة أو دلیل، بل قد جاء إلیهم ببیّنة من ربّهم (قد جاءتکم بیّنة من ربّکم هذه ناقة الله لکم آیة ).

و«النّاقة» أنثى الإبل، وقد أشیر إلى ناقة صالح فی سبعة مواضع من القرآن الکریم (1).

وأمّا حقیقه هذه الناقة، وکیف کانت معجزة صالح الساطعة، وآیته المفحمة لقومه، فذلک ما سنبحثه فی سورة هود، فی ذیل الآیات المرتبطة بقوم ثمود بإذن الله.

على أنّه ینبغی الإلتفات إلى أنّ إضافة «الناقة» إلى «الله» فی الآیات الحاضرة من قبیل الإضافة التشریفیة ـ کما هو المصطلح ـ فهی إشارة إلى أنّ هذه الناقة المذکورة لم تکن ناقة عادیة، بل کانت لها میزات خاصّة.

ثمّ إنّه یقول لهم: اترکوا الناقة تأکل فی أرض الله ولا تمنعوها (فذروها تأکل فی أرض الله ولا تمسّوها بسوء فیأخذکم عذاب ألیم ).

وإضافة الأرض إلى «الله» إشارة إلى أنّ هذه الناقة لا تزاحم أحداً، فهی تعلف من علف الصحراء فقط، ولهذا یجب أن لا یزاحموها.

ثمّ یقول فی الآیة اللاحقة (واذکروا إذ جعلکم خلفاء من بعد عاد وبوّأکم فی الأرض ) أی من جانب لا تنسوا نعم الله الکثیرة، ومن جانب آخر انتبهوا إلى أنّه قد سبقکم أقوام (مثل قوم عاد) طغوا فحاق بهم عذاب الله بذنوبهم وهلکوا.

ثمّ رکّز على بعض النعم الإلهیّة کالأرض فقال: (تتّخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بیوتاً )، فالأرض قد خُلِقَت بنحو تکون سهولها المستویة والمزودة بالتربة الصالحة لإقامة القصور الفخمة، کما تکون جبالها صالحة لأن تنحت فیها البیوت القویة المحصنة لفصل الشتاء والظروف الجویة القاسیة.

ویبدو للنظر من هذا التعبیر هو أنّهم کانوا یغیرون مکان سکناهم فی الصیف والشتاء، ففی فصل الربیع والصیف کانوا یعمدون إلى الزراعة والرعی فی السهول الواسعة والخصبة، ولهذا کانت عندهم قصور جمیلة فی السهول، وعند حلول فصل البرد والإنتهاء من الحصاد یسکنون فی بیوت قویة منحوتة فی قلب الصخور، وفی أماکن آمنة تحفظهم من خطر السیول والعواصف والاخطار.

وفی ختام الآیة یقول تعالى على لسان نبیّه صالح: (فاذکروا آلاء الله ولا تعثوا فی الأرض مفسدین ) (2).

ثمّ إنّنا نلاحظ أیضاً أنّ جماعة الأغنیاء والمترفین ذوی الظاهر الحسن، والباطن القبیح الخبیث، الذین عبر عنهم بالملأ أخذوا بزمام المعارضة لهذا النّبی الإلهیّ العظیم، وحیث إنّ عدداً کبیراً من أصحاب القلوب الطیبة والافکار السلیمة کانت ترزح فی أسر الأغنیاء والمترفین، قد قبلت دعوة النّبی صالح واتبعته، لهذا بدأ الملأ بمخالفتهم لهؤلاء المؤمنین.

فقال الفریق المستکبر من قوم صالح للمستضعفین الذین آمنوا بصالح: هل تعلمون یقیناً أنّ صالحاً مرسَل من قبل الله (قال الملأ الذین استکبروا من قومه للذین استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أنّ صالحاً مرسل من ربّه ).

على أنّ الهدف من هذا السؤال لم یکن هو تحری الحق، بل کانوا یریدون بإلقاء هذه الشبهات زعزعة الإیمان فی نفوس من آمن، وإضعاف معنویاتهم، وظناً منهم بأن هذه الجماهیر ستطیعهم وتکف عن متابعة صالح وحمایته، کما کانت مطیعة لهم یوم کانت تحت سیطرتهم ونفوذهم.

ولکن سرعان ما واجهوا ردّ تلک الجموع المؤمنة القاطع، الکاشف عن إرادتها القویة وعزمها على مواصلة طریقها، حیث قالوا: إنّنا مضافاً إلى اعتقادنا بأنّ صالحاً رسول من قبل الله، فنحن مؤمنون أیضاً بما جاء به (قالوا إنّا بما أرسل به مؤمنون ).

ولکن هؤلاء المغرورین المتکبرین لم یکفوا عن عملهم، بل عادوا مرّة اُخرى إلى إضعاف معنویة المؤمنین (قال الذین استکبروا إنّا بالذی آمنتم به کافرون ). وکانت هذه محاولة منهم لجرّ هؤلاء المستضعفین إلى صفوفهم مرّة اُخرى.

کانوا المقدّمین فی المجتمع والاُسوة للآخرین على الدوام بما کانوا یتمتّعون به من قوة وثراء، لهذا کانوا یظنون أنّهم بإظهار الکفر سیکونون أسوة للآخرین أیضاً، وأن الناس سوف یتبعونهم کما کانوا یفعلون ذلک من قبل، ولکنّهم سرعان ما وقفوا على خطأهم، وعلموا أنّ الناس قد اکتسبوا بالإیمان بالله على شخصیّة حضاریة جدیدة واستقلال فکری، وقوة إرادة.

والجدیر بالإنتباه أنّ الأغنیاء والملأ وُصِفُوا فی الآیات الحاضرة بالمستکبرین، ووصفت الجماهیر الکادحة المؤمنة بالمستضعفین، وهذا یفید أنّ الفریق الأوّل قد وصلوا بشعورهم بالتفوق، وغصب حقوق الناس واستغلالهم إلى مرتبة ما یسمى فی لغة العصر بـ «الطبقة المستغِلّة»، والفریق الآخر بالطبقة المستغَلَّة.

عندما یئس الملأ والأغنیاء المستکبرون من زعزعة الإیمان فی نفوس الجماهیر المؤمنة بصالح (علیه السلام)، ومن جانب آخر رأوا أنّ وساوسهم وشائعاتهم لا تجدی نفعاً مع وجود «الناقة» التی کانت تُعَدّ معجزة صالح (علیه السلام)، لهذا قرّروا قتل الناقة، مخالفین بذلک أمر ربّهم (فعقروا النّاقة وعتوا عن أمر ربّهم ) (3).

ولم یکتَفوا بهذا أیضاً، بل أَتَوا إلى صالح نفسه وبصراحة (وقالوا یا صالح ائتنا بما تعدنا إن کنت من المرسلین ).

یعنی أنّنا لا نخاف تهدیداتک مطلقاً، وأن هذه التهدیدات جمیعها لا أساس لهاوالحقیقة أنّ هذا الکلام نوع من الحرب النفسیة ضد صالح (علیه السلام)، بهدف إضعاف روحیته وروحیة المؤمنین به.

وعندما وصل المعارضون بطغیانهم وتمرّدهم إلى آخر درجة، وأطفأوا فی نفوسهم آخر بارقة أمل فی الإیمان، حلّت بهم العقوبة الإلهیّة طبقاً لقانون انتخاب الأصلح، وإهلاک ومحو الکائنات الفاسدة والمفسدة (فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فی دارهم جاثمین ).

إنّها کانت زلزلة ورجفة عظیمة تهاوت على أثرها قصورهم وبیوتهم القویة، واندثرت حیاتهم الجمیلة، حتى أنّه لم یبق منهم إلاّ أجساد میتة... هکذا أصبحوا.

و«جاثم» فی الأصل مشتق من مادة «جثم» بمعنى القعود على الرکب، والتوقف فی مکان واحد، ولا یبعد أن یکون هذا التعبیر إشارة إلى أنّ الزلزلة والرجفة جاءتهم وهم فی حالة نوم هنیئة، فجلسوا على أثرها فجأة، وبینما کانوا قاعدین على رکبهم لم تمهلهم الرجفة، بل ماتوا وهم على هذه الهیئة، إمّا خوفاً، وإمّا بسبب إنهیار الجدران علیهم، وإمّا بفعل الصاعقة التی رافقت الزلزال!!


1. قال الطبرسی فی المجمع البیان، ج 4، ص 290: الناقة أصلها من التوطئة والتذلیل یقال بعیر منوق أی مذلل موطأ، ولعل إطلاقها على اُثنى الإبل لکونها أکثر ذلولا للإمتطاء والرکوب.
2. «تعثوا» مشتقة من مادة «عثى» بمعنى إیجاد الفساد، غایة ما هنالک أنّ هذه المادة تستعمل فی الأغلب فی المفاسد الأخلاقیة والمعنویة، فی حین تطلق مادة «عبث» على المفاسد الحسیة، وبناء على هذا یکون کلمة «المفسدین» بعد جملة «لا تعثوا» لغرض التأکید، لأنّ کلیهما یعطیان معنىً واحداً.
3. المراد من «العقر» هو قطع عصب خاص خلف رجل الناقة أو الفرس هو سبب حرکتها، فإذا قطع سقط الحیوان، وفقد القدرة على الحرکة والتنقل.
سورة الأعراف / الآیة 73 ـ 79 بأیّ شیء اُهلِکَ قوم ثمود:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma