3ـ الکفر بالنعم فی بنی إسرائیل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
2ـ أرضیة الوثنیة عند بنی إسرائیل سورة الأعراف / الآیة 142

الموضوع الآخر الذی یستفاد من الآیه بوضوح، أنّه کان بین بنی إسرائیل أشخاص کثیرون ممن یکفرون النعمة ولا یشکرونها، فمع أنّهم رأوا کل تلک المعاجز التی اُتی بها موسى (علیه السلام)، ومع أنّهم تمتعوا بکل تلک المواهب الإلهیّة التی خصّهم الله بها، فإنّه لم ینقضِ عن هلاک عدوهم فرعون ونجاتهم من الغرق برهة من الزمن حتى نسوا کل هذه الاُمور دفعة واحدة، وطلبوا من موسى أن یصنع لهم أصناماً لیعبدوها!!

ونقرأ فی نهج البلاغة أنّ أحد الیهود اعترض على المسلمین عند أمیر المؤمنین (علیه السلام) قائلا: ما دفنتم نبیّکم حتى اختلفتم فیه، فردّ علیه الإمام صلوات الله علیه قائلا: «إنّما اختلفنا عنه لا فیه، ولکنّکم ما جفّت أرجلکم من البحر حتى قلتم لنبیّکم اجعَلْ لنا إلهاً کما لهم آلهة، فقال إنّکم قوم تجهلون». (1)

أی أنّنا اختلفنا فی الأحادیث والأوامر التی وصلت إلینا عن نبیّنا، لا أنّنا اختلفنا حول النّبی ونبوته، (فکیف بألوهیة الله) ولکنّکم ما إن خرجتم من میاه البحر إلاّ واقترحتم على نبیّکم أن اجعل لنا آلهة کما للوثنیین آلهة، وقال موسى: إنّکم قوم تجهلون.

وفی الآیة اللاحقة نقرأ أنّ موسى (علیه السلام) ـ لتکمیل حدیثه لبنی إسرائیل ـ قال: إنّ هذه الجماعة الوثنیة التی ترونها سینتهی أمرها إلى الهلاک، وإن عملهم هذا باطل لا أساس له (إنّ هؤلاء متبّرٌ ما هم فیه وباطل ما کانوا یعملون ).

فعمل هذه الجماعة باطل، وجهودهم غیر منتجة، کما أن مصیر مثل هؤلاء القوم وکل قوم وثنیین ومشرکین هو الهلاک والدمار. (لأنّ «متبَّر» مشتّقة من التبار أی الهلاک).

ثمّ تضیف الآیة التوکید: إنّ موسى (علیه السلام) (قال أغیر الله أبغیکم إلهاً وهو فضّلکم على العالمین ).

یعنی إذا کان الدافع إلى عبادة الله هو حسّ الشکر، فجمیع النعم التی ترفلون فیها هی من الله، وإذا کان الدافع للعبادة والعبودیة کون هذه العبادة منشأ لأثر ما، فإنّ ذلک أیضاً یرتبط بالله سبحانه، وعلى هذا الأساس مهما یکن الدافع، فلیس سوى الله القادر المنّان یصلح للعبادة ومستحقاً لها.

وفی الآیة اللاحقة یذکر القرآن الکریم إحدى النعم الإلهیّة الکبرى التی وهبها الله سبحانه لبنی إسرائیل، لیبعث بالإلتفات إلى هذه النعمة الکبرى حسّ الشکر فیهم، ولیعلموا أنّ اللائق بالخضوع والعبادة هو الذات الإلهیّة المقدسة فحسب، ولیس هناک أی دلیل یسوّغ لهم الخضوع أمام أصنام لا تضر ولا تنفع شیئاً أبداً.

یقول فی البدایة: تذکَّروا یوم أنجیناکم من مخالب آل فرعون الذین کانوا یعذبونکم دائماً (وإذ أنجیناکم من آل فرعون یسومونکم سوء العذاب ).

و«یسومون» مشتقّة من مادة «سوم» وتعنی فی الأصل ـ کما قال «الراغب» فی «المفردات» ـ الذهاب فی طلب شیء، کما یستفاد من القاموس تضمنه لمعنى الاستمرار والمضّی أیضاً، وعلى هذا یکون معنى (یسومونکم سوء العذاب ) أنّهم کانوا یعذبونکم بتعذیبات قاسیة باستمرار.

ثمّ تمشیاً مع أسلوب القرآن فی بیان الاُمور بتفصیل بعد إجمال شرح هذا العذاب المستمر، وهو: قتل الأبناء، واستبقاء النساء للخدمة والإسترقاق (یقتّلون أبناءکم ویستحیون نساءکم ).

وقد کان فی هذا اختبار عظیم من الله لکم (وفی ذلکم بلاءٌ من ربّکم عظیم ).

وسیاق الآیة یکشف عن أن هذه العبارة قالها موسى (علیه السلام) عن الله لنبی إسرائیل عندما رغبوا بعد عبورهم بحر النیل فی الوثنیة وعبادة الأصنام.

صحیح أنّ بعض المفسّرین احتمل أن یکون المخاطبون فی هذه الآیة هم یهود عصر الرّسول الأعظم (صلى الله علیه وآله)، لأنّ التّفسیر الأوّل یحتاج إلى تقدیر شیء بأن یقال: إنّ الآیة کانت فی الأصل هکذا: قال موسى: قال ربّکم... وهذا خلاف الظاهر.

ولکن مع الإلتفات إلى أنّه لو کان المخاطبون فی هذه الآیة هم یهود عصر النّبی الأکرم (صلى الله علیه وآله)لإنقطع إرتباط الآیة بما یسبقها وما یلحقها بصورة کاملة، وکانت هذه الآیة کالجملة المعترضة، فیبدو للنظر أن التّفسیر الأوّل أصح.

هذا ولابدّ ـ ضمناً ـ من الإلتفات إلى أن نظیر هذه الآیة مرّ فی سورة البقرة الآیة 49 مع فارق جداً بسیط، ولمزید التوضیح راجع تفسیر الآیة 49 من سورة البقرة.


1. نهج البلاغة، کلمات القصار، الکلمة 317.
2ـ أرضیة الوثنیة عند بنی إسرائیل سورة الأعراف / الآیة 142
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma