قدرة الله القاهرة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 17 ـ 18 سورة الأنعام / الآیة 19 ـ 20

قلنا إنّ هدف هذه السّورة هو استئصال جذور الشرک وعبادة الأصنام، وهاتان الآیتان تواصلان تحقیق ذلک.

فالقرآن یتساءل أوّلا: لماذا تتوجّهون إلى غیر الله، وتلجأون إلى معبودات تصطنعونها لحلّ مشاکلکم ودفع الضرّ عن أنفسکم واستجلاب الخیر لها؟ بینما لو أصابک أدنى ضرر فلا یرفعه عنک غیر الله، وإذا أصابک الخیر والبرکة والفوز والسعادة فما ذلک إلاّ بقدرة الله، لأنّه هو القادر القوی: (وإن یمسسک الله بضرّ فلا کاشف له إلاّ هو وإن یمسسک بخیر فهو على کلّ شیء قدیر ) (1).

فی الواقع إنّ سبب الإتجاه إلى غیر الله إمّا لتصوّرهم أنّ ما یتّجهون إلیه مصدر الخیرات، وإمّا لإعتقادهم بقدرته وأنّه یدرأ عنهم المصائب ویحلّ لهم مشاکلهم، والخضوع إلى حدّ العبادة لذوی السلطان والمال والقوة ینشأ من أحد هذین الدافعین، هذه الآیة تبیّن أنّ إرادة الله حاکمة على کلّ شیء، فإذا منع عن أحد نعمة، أو منح أحداً نعمة، فما من قدرة فی العالم تستطیع أن تغیّر ذلک، فلماذا إذن یطأطئون رؤوسهم خضوعاً لغیره؟

إنّ استعمال «یمسسک» فی الخیر والشر، وهی من «مسّ»، تشیر إلى أنّ الخیر والشر ـ مهما قلّ ـ لا یکون إلاّ بإرادته وقدرته.

ثمّ إنّ الآیة المذکورة تدحض فکرة «الثنویین» القائلین بمبدأی «الخیر» و«الشر» وعبادتهما، وتقول إنّ الإثنین کلیهما من جانب الله، ولکنّنا سبق أن قلنا أن لیس ثمّة شیء اسمه «الشر المطلق».

وعلیه فعندما ینسب الشر إلى الله فإنّما یقصد به على الظاهر «سلب النعمة» وهو بحدّ ذاته «خیر»، فهو إمّا أن یکون للإیقاظ والتربیة والتعلیم وکبح حالات الغرور والطغیان والذاتیة، أو لمصالح اُخرى.

وفی الآیة التی تلیها إکمال للبحث، فیقول: (وهو القاهر فوق عباده ).

«القاهر» و«الغالب» وإن کانا بمعنى واحد، إلاّ أنّهما من جذرین مختلفین، «القهر» یطلق على ذلک النصر الذی یتحقق دون أن یتمکّن الطرف المقهور من إبداء أیّة مقاومة، وفی کلمة «الغلبة» لا یوجد هذا المعنى، وقد تحصل بعد المقاومة، وبعبارة اُخرى: القاهر یقال لمن یکون تسلّطه على الطرف الآخر من الشمول بحیث إنّه لا یستطیع المقاومة مطلقاً کصبّ سطل من الماء على جذوة صغیرة من النّار فیطفؤها فوراً.

یرى بعض المفسّرین أنّ «القهر» تستعمل حیث یکون المقهور کائناً عاقلا، ولکن «الغلبة» أوسع منها وتشمل النصر على الکائنات غیر العاقلة أیض (2).

وعلیه إذا کانت الآیة السابقة تشیر إلى شمول قدرة الله إزاء المعبودات الزائفة الاُخرى وأصحاب القوّة، فذلک لا یعنی أنّه مضطر إلى الدخول مدّة فی صراع مع تلک القوى کی یتغلّب علیها، بل یعنی أنّ قدرته قاهرة، وقد جاء تعبیر (فوق عباده ) لتأکید هذا المعنى.

وعلى هذا، کیف یمکن لإنسان واع أن یعرض عن ربّ العالمین ویتّجه إلى کائنات وأشخاص لا یملکون بذواتهم أیّة قدرة، وما یملکونه من قوّة زهیدة إنّما مصدرها الله أیضاً.

ولإزالة کل وهم قد یخطر لأحدهم بأنّ الله قد یسیء استعمال قدرته غیر المتناهیة کما هو الحال فی ذوی القدرة من البشر، یقول القرآن: (وهو الحکیم الخبیر ) أی أنّه صاحب حکمة، وکل أعماله محسوبة، لأنّه خبیر وعالم ولا یخطىء فی استعمال قدرته أبداً.

ونقرأ فی حالات «فرعون» أنّه عندما هدد بقتل بنی إسرائیل، قال: (وإنّا فوقهم قاهرون ) (3) أی أنّه اتّخذ من قدرته القاهرة ـ وإن تکن ضعیفة ـ وسیلة للظلم وغمط حقوق الآخرین، إلاّ أنّ الله الحکیم الخبیر بتلک القدرة القاهرة منزّه عن أن یظلم حتى أصغر مخلوقاته.

ومن نافلة القول أنّ تعبیر (فوق عباده ) هو التفوّق فی المقام لا فی المکان، إذ لیس لله مکان محدد.

ومن العجیب جدّاً أنّ بعض ذوی العقول المتحجّرة اتّخذ من هذه الآیة دلیلا على تجسیم الله سبحانه، على الرغم من عدم وجود أىّ شک فی أنّ هذا التعبیر معنوی یدل على تفوّق الله من حیث القدرة على عبیده وحتى فرعون ـ مع کونه بشراً ذا جسم ـ یستعمل الکلمة نفسها لإظهار تفوّقه السلطوی، لاتفوّقه المکانی (تأمل بدقّة).


1. «الضر» هو کلّ نقیصة یتعرّض لها الانسان إمّا فی الجسم مثل نقص عضو والمرض، وإمّا فی النفس مثل الجهل والسفاهة والجنون، وإمّا فی اُمور اُخرى مثل ذهاب المال أو المقام أو الأبناء.
2. تفسیر المیزان، ج 7، ص 36.
3. الأعراف، 127.
سورة الأنعام / الآیة 17 ـ 18 سورة الأنعام / الآیة 19 ـ 20
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma