یستفاد من هذه الآیات أنّ العرب فی العهد الجاهلی لم یقتصروا على قتل البنات ووأدهن بسبب بعض العصبیات الخاطئة فحسب، بل کانوا یقتلون أولادهم الذین کانوا یُعَدُّون ثروة کبرى فی المجتمع یومذاک، وذلک بسبب الفقر وخشیتهم من الفاقة، والله تعالى یلفت نظرهم إلى مائدة النعم الإلهیّة الواسعة التی یستفید منها حتى أضعف الموجودات، ونهاهم سبحانه عن ذلک.
ولکن هذا العمل الجاهلی ـ وللأسف البالغ ـ یتکرّر الآن فی عصرنا فی صورة اُخرى، إذ نلاحظ کیف یعمد الناس إلى قتل الأطفال الأبریاء وهم أجنّة عن طریق «الکورتاج» والإجهاض بحجة النقصان الاحتمالی فی المواد الغذائیة.
إنّ إسقاط الجنین وإن کان یُبَرَّرُ الآن بأدلة وحجج اُخرى أیضاً، إلاّ أنَّ مسألة الفقر ومسألة نقصان المواد الغذائیة، هی من أدلتها الأصلیّة.
هذه المسألة والمسائل المشابهة الاُخرى تشیر إلى أنّ العَهد الجاهلی یتکرّر فی شکل آخر، وأنّ «جاهلیة القرن العشرین» أکثر وحشیة من جاهلیة ما قبل الإسلام.