الذین اتّخذوا الدّین لعباً:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 70 سورة الأنعام / الآیة 71 ـ 72

هذه الآیة تواصل ما بحثته الآیة السابقة، وتأمر رسول الله (صلى الله علیه وآله) أن یدع اُولئک الذین یستهینون بأمر دینهم، ویتخذون ممّا یلهون ویلعبون به مذهباً لهم ویغترون بالدنیا وبمتاعها المادی: (وذر الذین اتخذوا دینهم لعباً ولهواً وغرّتهم الحیاة الدنیا ).

بدیهی أنّ الأمر بترک هؤلاء لا یتعارض مع قضیة الجهاد، فللجهاد شروط، ولإهمال الکفار شروط اُخرى، وکل واحد من هذین الحالین یجب أن یتحقق فی ظروفه الخاصّة، قد یستلزم الأمر ـ أحیاناً ـ دفع المناوئین عن طریق عدم الإعتناء بهم، وفی أحیان اُخرى قد یقتضی الأمر الجهاد والتوسل بالسلاح، أمّا القول بأنّ آیات الجهاد قد نسخت هذه الآیة فغیر صحیح.

وتشیر هذه الآیة إلى أنّ سلوکهم الحیاتی من حیث المحتوى أجوف وواه، فهم یطلقون اسم الدین على بعض الأعمال التی هی أشبه بلعب الأطفال ومجون الکبار، فهؤلاء غیر جدیرین بالمناقشة والمباحثة، وعلیه یؤمر النّبی (صلى الله علیه وآله) بأن یعرض عنهم ولا یعتنی بدینهم الفارغ.

یتضح ممّا قلنا أنَّ «دینهم» یعنی «دین الشرک وعبادة الأصنام» الذی کانوا یدینون به، أمّا القول بأنّ المقصود هو «الدین الحق» وأنّ إضافة الدین إلیهم یستند إلى کون الدین فطریاً، فیبدو بعیداً.

والاحتمال الآخر فی تفسیر الآیة هو أنّ القرآن یشیر إلى جمع من الکفار الذین کانوا یتعاملون مع دینهم کألعوبة وملهاة، ولم ینظروا أبداً إلى الدین کأمر جاد یستوجب إمعان الفکر والتأمل، أی إنّهم کانوا لایؤمنون حقیقة حتى فی معتقدات شرکهم، ولم یقیموا وزنا حتى لدینهم الذی لا أساس له.

على کل حال فالآیة لا تخصّ الکفار وحدهم، بل هی تشمل جمیع الذین یتخذون من الأحکام الإلهیّة ومن المقدسات وسائل للتلهی وملء الفراغ وبلوغ الأهداف المادیة الشخصیة، اُولئک الذین یجعلون الدین آلة الدنیا، والأحکام الإلهیّة ألعوبة أغراضهم الخاصّة.

ثمّ یؤمر رسول الله (صلى الله علیه وآله) أن ینبّههم إلى أعمالهم هذه وإلى أنّ هناک یوماً لابدّ لهم أن یستسلموا فیه لنتائج أعمالهم ولن یجدوا من ذلک مفرّاً: (وذکّر به أن تبسل نفس بما کسبت ) (1).

یوم لا شفیع ینفع ولا ولی سوى الله: (لیس لها من دون الله ولىّ ولا شفیع ).

إنّهم یومئذ فی حال صعبة مؤلمة یرزحون فی قیود أعمالهم بحیث إنّهم یرتضون أن یدفعوا أیّة غرامة (إن کان عندهم ما یدفعونه) ولکنّها لن تقبل منهم: (وإن تعدل کلّ عدل لا یؤخذ منها ) (2).

ذلک لأنّهم یکونون بین مخالب أعمالهم، ولا فدیة تنجیهم، ولا توبة تنفعهم بعد أن فات الأوان: (اُولئک الذین أبسلوا بما کسبوا ).

ثمّ یشار إلى جانب ممّا سیصیبهم من العذاب الألیم بسبب إعراضهم عن الحق والحقیقة: (لهم شراب من حمیم وعذاب ألیم بما کانوا یکفرون ).

إنّهم یتعذّبون بالماء الحریق من الداخل، ویکتوون بنار الجحیم.

یجدر الإنتباه هنا إلى أنّ جملة (اُولئک الذین أبسلوا بما کسبوا ) هی بمثابة السبب الذی یمنع من قبول الغرامة ومن قبول أىّ شفیع وولی، أی إنّ عقابهم لیس لعلّة خارجیة بحیث یمکن دفعها بشکل من الأشکال، بل ینبع من داخل الذات وسلوکها وأعمالها، إنّهم أسرى أعمالهم القبیحة، لذلک لا مفرّ لهم، لأنّ فرار المرء من أعماله وآثارها إنّما هو فرار من ذاته، وهو غیر ممکن.

غیر أنّنا لابدّ أن نعلم أنّ هذه الحالة من الشدّة والصعوبة وإنعدام طریق العودة ورفض الشفاعة إنّما تکون بحق الذین أصروا على کفرهم واستمروا علیه، کما یتبیّن من عبارة: (بما کانوا یکفرون ) (الفعل المضارع یفید الاستمراریة).


1. «البسل» هو حفظ الشیء ومنعه بالقوّة والقهر، والإبسال حمل المرء على التسلیم، کما تطلق الکلمة على الحرمان من الثواب، أو أخذ الرهائن، والجیش الباسل بمعنى القاهر الذی یحمل العدو على التسلیم، والمعنى فی الآیة هو تسلیم المرء وخضوعه لأعماله السیئة.
2. «العدل» بمعنى «المعادل» وهو ما یدفع جزاءاً وغرامة لقاء التحرر، وهو أشبه فی الواقع بما یفتدى به.
سورة الأنعام / الآیة 70 سورة الأنعام / الآیة 71 ـ 72
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma