لا أهمّیة للکثرة العددیة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
التّفسیر سورة الأنعام / الآیة 118 ـ 120

على العکس ممّا یظنّه بعضهم بأنّ الکثرة العددیة توافق الصواب دائماً فإنّ القرآن ینفی هذا فی کثیر من آیاته، ولا یقیم للکثرة «العددیة» أىّ وزن، بل یرى ـ فی الحقیقة ـ إنّ الکثرة «الکیفیة» هی المقیاس، لا الکثرة «الکمیة» على الرغم من أنّ المجتمعات المعاصرة لم تجد لإدارة الحیاة الاجتماعیة طریقاً سوى الإستناد إلى الأکثریة، فلا ننس أنّ هذا ـ کما قلنا ـ نوع من الإضطرار والوصول إلى طریق مسدود، إذ لا یمکن العثور فی مجتمع مادی على وسیلة صحیحة وسلیمة لإتخاذ القرارات ولسنّ القوانین.

لذلک نجد الکثیر من العلماء مضطرین إلى القبول بفکرة الأکثریة، على الرغم من اعترافهم بأنّ هذه القاعدة کثیراً ما یصاحبها الخطأ، وذلک لأنّ عیوب الوسائل الاُخرى أکثر.

بید أنّ مجتمعاً مؤمناً برسالة الأنبیاء لا یجد نفسه مضطراً لإتباع نظر الأکثریة فی سنّ القوانین، لأنّ مناهج الأنبیاء الصادقة وقوانینهم الإلهیّة خالیة من کلّ عیب ونقص، ولا یمکن مقارنتها بما تستصوبه الأکثریة المعرّضة للخطأ.

لو ألقینا نظرة على وضع العالم الیوم وعلى الحکومات القائمة على أساس رأی الأکثریة، وعلى القوانین السقیمة التی تملیها الأهواء ثمّ تقرّها الأکثریة، لرأینا أنّ الأکثریة العددیة لم تداو جرحاً، بل إنّ معظم الحروب وأکثر المفاسد أقرّتها الأکثریة.

الاستعمار، والاستغلال، والحروب، وإراقة الدماء، وحریة تعاطی المسکرات، والقمار، والإجهاض، والبغاء، وغیر ذلک ممّا یندى له الجبین خجلا، قد أقرّتها الأکثریة فی المجالس النیابیة فی کثیر من البلدان التی تصف نفسها بأنّها متقدّمة باعتبارها تعکس رغبة أکثریة الناس، وهذا دلیل على حقیقة ما نقول.

ومن الناحیة العلمیة نتساءل هل أنّ أکثریة المجتمعات صادقة؟ هل الأکثریة أمینة؟ أتراها تمنع نفسها من الإعتداء على حقوق الآخرین، إذا استطاعت؟ هل تنظر الأکثریة إلى منافعها ومنافع الآخرین بنظرة واحدة؟

الإجابات ناطقة بلسان الحال لا المقال، لذلک لابدّ من الإعتراف بأنّ استناد العالم المعاصر إلى الأکثریة نوع من الإکراه تفرضه الأوضاع القائمة، وأنّه شرّ مفروض على المجتمعات.

نعم، لو أنّ العقول المفکّرة، ومصلحی المجتمعات البشریة المخلصین، والعلماء الهادین ـ وهم أقلیة دائماً ـ شنّوا حملة شاملة لتنویر أفکار عامّة الناس بحیث تنال المجتمعات قسطاً من الوعی والرشد الفکری والاجتماعی، لإقتربت وجهات نظر أکثریة کهذه إلى الحقیقة إقتراباً کبیراً، غیر أنّ أکثریة غیر راشدة وغیر واعیة، بل فاسدة ومنحرفة وضالة، لا تستطیع أن تقیل عثرة نفسها أو غیرها! لذلک فالأکثریة وحدها لا تکفی، وإنّما الأکثریة المهتدیة هی القادرة على حلّ مشاکل المجتمع بالمقدار الّذی یستطیعه بشر.

وإذا کان القرآن فی کثیر من المواضع یذمّ الأکثریة، فالمقصود هو الأکثریة غیر الرشیدة دون شک.

التّفسیر سورة الأنعام / الآیة 118 ـ 120
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma