التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
سورة الأنعام / الآیة 128 ـ 129 سورة الأنعام / الآیة 130 ـ 132

تعود هاتان الآیتان إلى بیان مصیر المجرمین الضالین والمضلین فتکملان ما بحث فی السابق، فتذکّران بیوم یقفون فیه وجهاً لوجه أمام الشیاطین الذین کانوا یستلهمون منهم، فیواجه التابعون والمتبوعون سؤالا لا جواب لدیهم علیه، ولا ینالون سوى التحسّر والحزن، إنّها تحذیرات للإنسان کیلا ینظر فقط إلى أیّامه المعدودات على الأرض، بل علیه أن یفکّر بالعاقبة.

تذکّر الآیة فی البدایة بذلک الیوم الذی یجتمع فیه الجن والإنس، ثمّ یقال یا أیّها المضلون من الجن لقد أضللتم کثیراً من الناس: (ویوم یحشرهم جمیعاً یا معشر الجنّ قد استکثرتم من الإنس ) (1).

«الجن» هنا هم الشیاطین، لأنّ کلمة الجن ـ کما سبق أن قلنا ـ تشمل کل کائن غیر مرئی والآیة 50 من سورة الکهف تذکر عن رئیس الشیاطین، إبلیس إنّه (کان من الجن ).

الآیات السابقة التی تحدّثت عن وسوسة الشیاطین الهامسة (إنّ الشیاطین لیوحون إلى أولیائهم )، وکذلک الآیة التّالیة التی تحدّثت عن سیطرة بعض الظالمین على الآخرین، قد تکون إشارة إلى هذا الموضوع.

ویبدو أنّ الشیاطین المضلین لا جواب لدیهم على هذا السؤال ویطرقون صامتین، غیر أنّ أتباعهم من البشر یقولون: ربّنا، هؤلاء استفادوا منّا کما إنّنا استفدنا منهم حتى جاء أجلنا: (وقال أولیاؤهم من الإنس ربّنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذی أجّلت لنا ).

أی کان شیاطیننا فرحین بسیطرتهم علینا وکنّا نتبعهم مستسلمین، أمّا نحن فکنّا مستمتعین بمباهج الحیاة ولذائذها غیر متقیدین بشیء ولا ملتفتین إلى سرعة زوالها، لما کان الشیاطین یوسوسون فی آذاننا ویظهرون الدنیا لهم فی صور جمیلة جذّابة.

هنا تختلف آراء المفسّریین بشأن المقصود من کلمة «أجل»، هل هی نهایة عمر الإنسان، أم یوم القیامة؟ ولکن الظاهر أنّ المقصود نهایة العمر لأنّ «الأجل» کثیراً ما استعمل فی القرآن بهذا المعنى.

غیر أنّ الله یخاطب التابعین والمتبوعین الفاسدین والمفسدین جمیعاً: (قال النّار مثواکم خالدین فیها إلاّ ما شاء الله ).

إنّ الجملة الإستثنائیة (إلاّ ما شاء الله ) إمّا أن تکون إشارة إلى خلودهم فی العذاب والعقاب، وفی هذه الحالات لا یسلب القدرة من الله على تغییر الحکم، فهو قادر فی أىّ وقت یشاء أن یغیّر ذلک، وإن أبقاه خالداً لجمع منهم.

وإمّا أن تکون إشارة إلى الذین لا یستحقون الخلود فی العذاب، أو الجدیرون بنیل العفو الإلهی، فیجب استثناؤهم من الخلود فی العذاب.

وفی الختام تقول الآیة: (إنّ ربّک حکیم علیم )، فعقابه مبنی على حساب دقیق، وکذلک عفوه، لأنّه عالم بمن یستحقهما.

الآیة التّالیة تشیر إلى سنّة إلهیّة ثابتة بشأن هؤلاء الأشخاص، وتقرر أنّ هؤلاء الطغاة والظالمین سیکون وضعهم فی الآخرة کما کانوا علیه فی الدنیا یجر بعضهم بعضاً نحو التهلکة وسوء المصیر والانحراف: (وکذلک نولّی بعض الظالمین بعضاً بما کانوا یکسبون ) وکما ذکرنا فی البحوث الخاصّة بالمعاد فانّ یوم القیامة مشهد ردود الفعل فی صور مکبرة، وما یوجد هناک إنعکاس عن أعمالنا فی هذه الدنیا.

جاء فی تفسیر علی بن إبراهیم القمی عن الإمام (علیه السلام) فی معنى هذه الآیة قال: «أی نولی کل من تولى أولیاءهم فیکونون معهم یوم القیامة». (2)

ومن الجدیر بالملاحظة أنّ جمیع هؤلاء قد وصفوا بالظلم فی هذه الآیة، ولا شک أنّ الظلم بمعناه الواسع یشملهم جمیعاً، فأىّ ظلم أکبر من أن یخرج الإنسان نفسه من ولایة الله لیدخل فی ولایة المستکبرین ویتّبعهم فیکون فی العالم الآخر تحت ولایتهم أیضاً.

ثمّ إنّ هذا التعبیر، وکذلک تعبیر (بما کانوا یکسبون ) یشیران إلى أنّ هذا المصیر السیء إنّما هو بسبب أعمالهم، وهذه سنّة إلهیّة وقانون الخلیقة القاضی بأنّ السائرین فی الظلام لابدّ أن یسقطوا فی هوّة التعاسة والشقاء.


1.«یوم» ظرف متعلّق بجملة «یقول» المحذوفة فیکون أصل الجملة: (یوم یحشرهم جمیعاً یقول ).
2. تفسیر على بن ابراهیم القمّی، ج 1، ص 216.
سورة الأنعام / الآیة 128 ـ 129 سورة الأنعام / الآیة 130 ـ 132
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma