نقرأ فی الآیة الحاضرة أنّ الحسنة یُثابُ علیها بعشرة أضعافها، بینما یستفاد من بعض الآیات القرآنیة أنّه اقُتصِرَ على عبارة (أضعافاً کثیرة ) من دون ذکر عدد الأضعاف (کما فی الآیة 245 من سورة البقرة) وفی بعض الآیات بلغ ثواب بعض الأعمال مثل الإنفاق إلى سبعمائة ضعف (کما فی الآیة 261 من سورة البقرة) بل ربّما إلى أکثر من ذلک مثل قوله: (إنّما یوفّى الصابرون أجرهم بغیر حساب ) (1).
إنّ من الواضح أنّه لا تناقض بین هذه الآیات أبداً، إذ إنّ أقل ما یعطى للمحسنین هو عشرة أضعاف الحسنة، وهکذا یتصاعد حجم الثواب مع تعاظم أهمّیة العمل والحسنة، ومع تعاظم درجة الإخلاص، ومع ازدیاد مقدار السعی والجهد المبذول فی سبیل العمل الصالح، حتى یصل الأمر إلى أن تتحطم الحدود والمقادیر، ولا یعلم حدّ الثواب ومقداره إلاّ الله تعالى.
فمثلا الإنفاق الذی یَحظى بأهمّیة بالغة فی الإسلام یتجاوز مقدار ثوابه الحدّ المتعارف للعمل الصالح الذی هو عشرة أضعاف الحسنة، ویصل إلى «الأضعاف الکثیرة» أو «سبعمائة ضعف» وربّما أکثر من ذلک.
إن حرکة الانسان فی خط الاستقامة هی أساس جمیع النجاحات والسعادات، ولا تبقى عقیدة أو عمل صالح بدونها، وقد ذکر القرآن لها ثواباً خارجاً عن حدّ الإحصاء والحساب.
ومن هنا أیضاً یتّضح عدم المنافاة بین هذه الآیة وبین الرّوایات التی تذکر لبعض الأعمال الحسنة مثوبة أکثر من عشرة أضعاف.
کما أنّ ما نقرؤه فی الآیة 84 من سورة القصص فی قوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله خیرٌ منها ) لا ینافی الآیة الحاضرة حتى نحتاج إلى القول بنسخ الآیة، لأنّ للخیر معنىً واسعاً یتلاءم مع عشرة أضعاف أیضاً.
1. الزمر، 10.
