فی هذه الآیات والآیات اللاحقة یشیر سبحانه إلى مشهد مثیر آخر من مشاهد حیاة بنی إسرائیل، وذلک عندما طلب جماعة من بنی إسرائیل من موسى (علیه السلام) ـ بإلحاح وإصرار ـ أن یَروا الله سبحانه، وأنّهم لن یؤمنوا به إذا لم یشاهدوه، فاختار موسى سبعین رجلا من قومه واصطحبهم معه إلى میقات ربّه، وهناک رفع طلبهم إلى الله سبحانه، فسمع جواباً أوضح لبنی إسرائیل کل شیء فی هذا الصعید.
وقد جاء قسم من هذه القصّة فی سورة البقرة الآیة 55 و56، وقسم آخر منها فی سورة النساء الآیة 153، وقسم ثالث فی الآیات المبحوثة هنا فی الآیة 155 من هذه السورة.
ففی الآیات الحاضرة یقول أوّلا: (ولمّا جاء موسى لمیقاتنا وکلّمه ربّه قال ربّ أرنی أنظر إلیک ).
ولکن سرعان ما سمع الجواب من جانب المقام الرّبوبی: کلا، لن ترانی أبداً (قال لن ترانی ولکن انظر إلى الجبل فإن استقرّ مکانه فسوف ترانی فلمّا تجلّى ربّه للجبل جعله دکّاً ) (1).
فلمّا رأى موسى هذا المشهد الرهیب تملکه الرعب إلى درجة أنّه سقط على الأرض مغمىً علیه (وخرّ موسى صعقاً ).
وعندما أفاق قال: ربّاه سبحانک، أنبتُ إلیک، وأنا أوّل من آمن بک (فلمّا أفاق قال سبحانک تبتُ إلیک وأنا أوّل المؤمنین ).