بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
ألوان العذاب: سورة الأنعام / الآیة 66 ـ 67

هنا أیضاً لابدّ من الإشارة إلى بعض النقاط:

هنالک اختلاف بین المفسّریین بشأن المقصود من العذاب من فوق ومن تحت، ویظهر أنّ لهاتین الکلمتین معانی واسعة، فهما تشملان الجهتین المادیتین من السماء ومن الأرض کالصواعق والأمطار الغزیرة والعواصف المدمّرة التی یأتی من فوق، والزلازل

والإنشقاقات الأرضیة المدمّرة وفیضانات الأنهر والبحار من تحت.

کذلک تشمل الآلام والمصائب التی ینزلها بعض الحکّام والطبقات المتسلطة فی المجتمع على رؤوس الشعوب، وکذلک الآلام والعذاب الذی یسببه بعض الموظّفین الذین لا یعرفون واجبهم للناس ممّا قد لا یقل عمّا یسببه الحکّام والطّبقات العلیا من المجتمع.

وکذلک یحتمل أن تشمل أسلحة الحرب المخیفة فی عصرنا التی تبید حیاة البشر بشکل وحشی من الأرض والجو، وتحیل المدن خلال مدّة قصیرة إلى رکام وأنقاض عن طریق القصف الجوی والهجوم الأرضی وزرع الألغام وبواسطة الغواصات المدمّرة داخل البحار.

«یلبسکم» من «اللبس» بفتح اللام بمعنى الإختلاط والإمتزاج، لا من «اللبس» بضم اللام بمعنى إرتداء الملابس، وعلى ذلک یکون معنى الآیة: إنّه قادر على أن یجعل منکم جماعات مختلفة تختلط بعض ببعض.

یستنتج من هذا التعبیر أنّ مسألة اختلاف الکلمة والتفرّق فی المجتمع لا تقل خطورتها عن العذاب السماوی والصواعق والزلازل، وهو فی الحقیقة کذلک، بل قد یکون الخراب الناشىء من اختلاف الکلمة والتفرّق أحیاناً أشدّ وطأة ودماراً من الزلازل والصواعق، کثیراً ما نلاحظ أنّ دولا عامرة یصیبها الفناء بسبب النفاق والتفرقة، وهذه الکلمة تحذیر لجمیع مسلمی العالم!

هنالک أیضاً احتمال آخر فی تفسیر هذه الآیة، وهو أنّ الله قد أشار ـ إلى جانب العذاب السماوی والأرضی ـ إلى لونین آخرین من العذاب: أحدهما: اختلاف العقیدة والفکر (وهو فی الواقع مثل العذاب النازل من فوق)، والآخر: هو الاختلاف فی العمل والسلوک الاجتماعی الذی یؤدّی إلى الحروب وإراقة الدماء (وهو أشبه بالعذاب الآتی من تحت).

وعلیه، فالآیة تشیر إلى أربعة ألوان من العذاب الطبیعی، ولونین من العذاب الاجتماعی.

لابدّ من الإنتباه إلى أنّ قوله تعالى: (أویلبسکم شیعاً ) (1)، لایعنی أنّ الله یبتلی الناس ـ بدون مبرر ـ بالنفاق والاختلاف، بل إنّ ذلک نتیجة سوء أعمالهم وغرورهم وأنانیاتهم، والانغماس فی منافعهم الشخصیة، ممّا یثیر روح النفاق والتفرقة بینهم، وما نسبة ذلک إلى الله إلاّ لأنّه جعل تلک الآثار من نتائج تلک الأعمال.

على الرّغم من أنّ الخطاب فی هذه الآیة موجّه إلى المشرکین وعبدة الأصنام، فإنّنا نستنتج أنّ المجتمع المشرک والمنحرف عن طریق التوحید وعبادة الله، یصاب بظلم الطبقات العلیا، وظلم الطبقات الدنیا المتهاونة فی واجباتها، کما تقع البشریة بین براثن الاختلاف العقائدیة والمخاصمات الدمویة فی المجتمع، کما هو حال المجتمعات المعاصرة التی تعبد أوثان الصناعة والثروة، فهی رهین مصائب لا فکاک لها من مخالبها.

بعض الشعوب المسلمة تتحدّث عن التوحید وعبادة الله بأقوالها، ولکنّها بأفعالها مشرکة تعبد الأصنام. إنّ مصائر شعوب کهذه لا یختلف عن مصائر المشرکین. وقد یکون حدیث الإمام الباقر (علیه السلام): «کل هذا فی أهل القبلة»(1) إشارة إلى هذا الاختلاف بین المسلمین، فعندما ینحرف المسلمون عن طریق التوحید، تأخذ الأنانیة وحبّ الذات مکان الاُخوّة الإسلامیة، وتتغلب المصالح الشخصیة على المصلحة العامّة، ولا یفکّر الفرد إلاّ بنفسه وینسى الناس أوامر الله ونواهیه، فیحیق بهم ما أحاق باُولئک.


1. «شیعاً» جمع «شیعة» بمعنى الجماعة.
2. تفسیر على بن ابراهیم القمی، ج 1، ص 204; وتفسیر المیزان، ج 7، ص 149.
ألوان العذاب: سورة الأنعام / الآیة 66 ـ 67
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma