بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 4
نِعَم الجنّة حرام على أهل النّار: سورة الأعراف / الآیة 52 ـ 53

هنا عدّة نقاط یجب أن نتوقف عندها ونلتفت إلیها:

یبدأ القرآن الکریم بأحادیث أهل النّار مع أهل الجنّة بلفظة (ونادى) التی تستعمل عادة للتخاطب من مکان بعید، وهذا یفید بأنّ بین الفریقین فاصلة کبیرة ومع ذلک یتمّ هذا الحوار ویسمع کل منهما حدیث الآخر، وهذا لیس بعجیب، فلو أن المسافه بلغت ملایین الفراسخ لأمکن أن یسمع کل واحد منهما کلام الآخر، بل ویرى ـ فی بعض الأحیان ـ الطرف الآخر.

ولو کان القبول بهذا أمراً متعذراً أو متعسراً فی الماضی، وکانت تشکل مشکلة بالنسبة إلى السامعین، فإنّه مع انتقال الصوت والصورة فی عصرنا الحاضر من مسافات بعیدة جدّاً انحلّت هذه المشکلة، ولم تعد الآیة موضع تعجب وغرابة.

إنّ أوّل طلب یطلبه أهل النّار هو الماء، وهذا أمر طبیعی، لأنّ الشخص الذی یحترق فی النّار المستعرة یطلب الماء قبل أی شیء حتى یبرد غلیله ویرفع به عطشه.

إنّ عبارة (ممّا رزقکم الله ) التی هی عبارة مجملة، وتتسم بالإبهام، تفید أنّه حتى أهل النّار لا یمکنهم أن یعرفوا بشیء من حقیقة النعم الموجودة فی الجنّة وأنواعها. وهذا الموضوع یتفق وینسجم مع بعض الأحادیث التی تقول: (إنّ فی الجنّة ما لا عین رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر). (1)

ثمّ إنّ عطف الجملة بـ «أو» یشیر إلى أنّ النعم الاخرویة الاُخرى وخاصّة الفواکه یمکنها أن تحلّ محل الماء وتطفیء عطش الإنسان.

إنّ عبارة (حرّمهما الله على الکافرین ) إشارة إلى أنّ أهل الجنّة بأنفسهم، لیسوا هم الذین یمتنعون عن إعطاء شیء من هذه النعم لأهل النّار، لأنّه لا یقلّ منها شیء بسبب الإعطاء، ولا أنّهم یحملون حقداً أو ضغینة على أحد فی صدورهم، حتى بالنسبة إلى أعدائهم، ولکن وضع أهل النّار بشکل لا یسمح لهم أن یستفیدوا من نعم الجنّة.

إنّ هذا الحرمان ـ فی الحقیقة ـ نوع من «الحرمان التکوینی» مثل حرمان کثیر من المرضى من الأطعمة اللذیذة المتنوعة.

فی الآیة اللاحقة یبیّن سبب حرمانهم، بذکر صفات أهل النّار وأنّ أهل هذا المصیر الأسود هم الذین أوقعوا أنفسهم فیه فیقول أوّلا: إنّ هؤلاء هم الذین اتخذوا دینهم لعباً (الذین اتّخذوا دینهم لهواً ولعباً ).

وهذا إلى جانب أنّهم خدعتهم الدنیا واغتروا بها (وغرّتهم الحیاة الدنیا ).

إنّ هذه الاُمور سببت فی أن یغرقوا فی وحل الشهوات، وینسوا کل شیء حتى الآخرة، وینکروا أقوال الأنبیاء، ویکذبوا بالآیات الإلهیّة، ولهذا أضاف قائلا: (فالیوم ننساهم کما نسوا لقاء یومهم هذا وما کانوا بآیاتنا یجحدون ).

ومن البدیهی أنّ المراد من «النسیان» الذی نُسِبَ هنا إلى الله هو بمعنى أنّنا نعاملهم معاملة الناسی تماماً، مثل أن یقول شخص لصدیقه: (کما أنّک نسیتنی فسوف أنساک أنا أیضاً) أی أننی سوف أعاملک معاملة المتناسی لشیء.

کما أنّه یستفاد من هذه الآیة أنّ أوّل مرحلة من مراحل الإنحراف والضلال، هو أن لا یأخذ الإنسان قضایاه المصیریة بمأخِذ الجدّ، بل یتعامل معها معاملة المتسلّی والهازل، فتؤدّی به هذه الحالة إلى الکفر المطلق، وإنکار جمیع الحقائق.


1. وسائل الشیعة، ج 10، ص 476 و478.
نِعَم الجنّة حرام على أهل النّار: سورة الأعراف / الآیة 52 ـ 53
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma