من العجیب أنّ بعض مؤیدی فکرة «التناسخ» الخرافیة یتخذون من هذه الآیة دلیلا على صحة فکرتهم، ویقولون: یفهم من الآیة أنّ الحیوانات اُمم مثلکم، مع أنّنا نعلم أنّها ذاتیاً لیست مثلنا، فیمکن إذن القول بأنّ أرواح البشر التی تفارق أبدانها تحلّ فی أبدان الحیوانات، وبهذا الشکل تنال الأرواح المذنبة العقاب.
ولکن على الرغم من أنّ فکرة التناسخ تناقض «قانون التکامل» ولا تتفق مع منطق العقل، وتستوجب إنکار «المعاد» (کما سبق شرحه فی موضعه)، فإنّ هذه الآیة لا تدل على التناسخ مطلقاً، إذ إنّ المجتمعات الحیوانیة ـ کما قلنا ـ تشبه المجتمعات البشریة، وهو شبه بالفعل لا بالقوّة، لأنّ للحیوانات نصیبها من الفهم والإدراک، ونصیبها من المسؤولیة أیضاً، ومن ثمّ نصیبها من البعث والحساب، فهی تشبه الإنسان فی هذه الحالات.
ینبغی أن نعرف أنّ التکالیف والمسؤولیات الملقاة على الحیوانات فی مرحلة خاصّة لا تعنی أنّ لها إماماً وقائداً وشریعة ودیناً کما ذهب الیه بعض أصحاب التصوّف، فهی لا یقودها سوى إدراکها الباطنی، أی أنّها تدرک بعض الاُمور، فتکون مسؤولة عنها بقدر إدراکها لها.